مقدمة في علوم
البحار
و يفضل كثير من علماء البحار استخدام تعبير أقيانولوجيا Oceanology للدلالة على أن هذا العلم يهتم بالدراسة العلمية التفصيلية و المتعمقة لفروع هذا العلم المختلفة و ليس مجرد الدراسة الوصفية كما قد يفهم من تعبير ( اقيانوغرافيا ). و علم المحيطات ( الاقيانوغرافيا أو الاقيانولوجيا ) ليس مجرد علم كسائر العلوم الأساسية و لكنه في الواقع يمثل مجموعة متشعبة و متكاملة من العلوم . إذ أن فهم البيئة البحرية فهما علميا صحيحا يتطلب دراسة خصائص هذه البيئة من الأوجه المختلفة الكيميائية و الفيزيائية و الجيولوجية و البيولوجية و هو ما تتضمنه مجالات علوم البحار .
نشأة علوم البحار و تطورها:
أن علاقة الإنسان بالبحر قديمة قدم التاريخ نفسه فمنذ فجر التاريخ استخدم الإنسان البحر في الحصول على غذائه و في تنقلاته و استخدمت السفن في الرحلات البحرية بقصد الصيد و التجارة و اكتشاف المجهول و قد أدى ذلك إلى تحسين وسائل الملاحة و اكتشاف المحيطات. و كان لبعض الأمم فضل كبير في تطور الفكر الإنساني عن المحيطات و اكتشاف أسرارها مما أدى إلى تكون الفكر الاقيانوغرافي الحديث .
و نذكر من هؤلاء:
الفراعنة:-
الحياة في أعماق المحيط Life in the deep ocean
بسم
الله الرحمن الرحيم (( وجعلنا من الماء كل شيء حي )) صدق الله العظيم
يجمع
كثير من الباحثين على أن الحياة نشأت أول ما نشأت في مياه البحار و المحيطات
باعتبارها وسط مثاليا يحقق جميع الظروف اللازمة لقيام الحياة. وعلم المحيطات Oceanography هو العلم الذي يختص بدراسة
الحياة في البحار و المحيطات أسفل سطح الماء و خصائص البيئة المائية البحرية و
العلاقات المتبادلة بين هذه الخصائص و العوامل المؤثرة عليها و يشتق تعبير
الأقيانوغرافيا من الكلمة اليونانية Oceanus و معناها أبن الأرض و السماء و قد استعمل
الإغريق هذا التعبير للدلالة على البحر المحيط
أي الذي يحيط بالأرض, أما كلمة Graphy معناها الوصف أو الشكل العام و يعتبر جون موراي Murray .J أول من استخدم تعبير
الأقيانوغرافيا استخداما علميا عند دراسته للخصائص الجغرافية العامة للبحار و
المحيطات عام 1880.و يفضل كثير من علماء البحار استخدام تعبير أقيانولوجيا Oceanology للدلالة على أن هذا العلم يهتم بالدراسة العلمية التفصيلية و المتعمقة لفروع هذا العلم المختلفة و ليس مجرد الدراسة الوصفية كما قد يفهم من تعبير ( اقيانوغرافيا ). و علم المحيطات ( الاقيانوغرافيا أو الاقيانولوجيا ) ليس مجرد علم كسائر العلوم الأساسية و لكنه في الواقع يمثل مجموعة متشعبة و متكاملة من العلوم . إذ أن فهم البيئة البحرية فهما علميا صحيحا يتطلب دراسة خصائص هذه البيئة من الأوجه المختلفة الكيميائية و الفيزيائية و الجيولوجية و البيولوجية و هو ما تتضمنه مجالات علوم البحار .
نشأة علوم البحار و تطورها:
أن علاقة الإنسان بالبحر قديمة قدم التاريخ نفسه فمنذ فجر التاريخ استخدم الإنسان البحر في الحصول على غذائه و في تنقلاته و استخدمت السفن في الرحلات البحرية بقصد الصيد و التجارة و اكتشاف المجهول و قد أدى ذلك إلى تحسين وسائل الملاحة و اكتشاف المحيطات. و كان لبعض الأمم فضل كبير في تطور الفكر الإنساني عن المحيطات و اكتشاف أسرارها مما أدى إلى تكون الفكر الاقيانوغرافي الحديث .
و نذكر من هؤلاء:
الفراعنة:-
تدل الآثار الفرعونية القديمة على أن قدماء المصريين عرفوا مهنة صيد
الأسماك البحرية وتظهر على جدران معا بدهم صور كثيرة و دقيقة لبعض أسماك البحر
الأحمر. و من مصر خرجت أنباء أول رحلة أو بعثة للكشف الأقيانوجرافي عرفها التاريخ
وذلك منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام و هي البعثة البحرية التي أرسلت في عهد ألملكه
حتشبسوت من ملوك الأسرة الثامنة عشر لاكتشاف المنطقة الجنوبية للبحر الأحمر و بلاد
الصومال وقد دونت أخبار هذه الرحلة بالنقوش على جدران معبد الدير البحري. كما أن
الملك نخاو ( 600 ق.م) قام بعمل لم يسبقه إليه أحد, فقد أرسل أسطوله البحري من
البحر الأحمر ليدور حول إفريقيا ثم عبر أعمدة هرقل ( جبل طارق ) إلى مصب النيل مره
أخرى و تم بهذا العمل أعظم كشف بحري في ذلك الوقت وهو اكتشاف المحيط الهندي و جنوب
المحيط الأطلسي الذي كان يعرف حتى في القرون الوسطى ببحر الظلمات و قد وصف هيرودوت
( 450 ق.م) أخبار هذه الرحلة التي استغرقت ثلاث سنوات و قد اثبت هذا الاكتشاف أن
إفريقيا تعتبر قارة منفصلة و لكن هذا الاكتشاف لم يصادف تشجيعا من كهنة فرعون نظرا
للاعتقادات التي كانت سائدة في تلك الفترة.
الفينيقيون:-
ساهم الملاحون الفينيقيون في رسم الصورة الأولى لأبعاد
حوض البحر الأبيض المتوسط نتيجة لنشاطهم البحري في أجزاء هذا البحر و كانت لهم
مراكز ملاحية على طول الساحل الفينيقي خاصة في الفترة من 1150 _ 853 ق.م مثل بيروت
( ببلوس ) و جبيل و صيدا و صور و غيرها. سيطر الفينيقيون على سواحل بحر ايجه و
جزيرة صقلية لفترة طويلة و يرجح بعض الكتاب أن الفينيقيون نجحوا في عبور مضيق جبل
طارق و الوصول إلى الساحل الشرقي للبرازيل قبل أن يكتشفه أمريجو فسبوتشي في القرن
الخامس عشر الميلادي.
الإغريق:-
كان لفتوحات الأسكندر الأكبر ( 329-325 ق.م ) أثر كبير في
الكشف عن بلاد و بحار جديدة و تحديد
مواقعها الجغرافية و بذلك عرفت الخرائط الإغريقية الخليج العربي وبحر قزوين و
البحر العربي و خليج البنغال و ارض الهند و الصين ويذكر أن الأسكندر الأكبر تمكن
من الغوص تحت سطح الماء في ناقوس كبير لملاحظة الحياة البحرية أسفل سطح الماء.
و يعتبر أرسطو ( 382 _ 322 ق.م ) أول من درس علوم البحار
البيولوجية حيث قام بتسجيل ملاحظات عديدة عن مجموعات متنوعة من حيوانات البحر
وكائناته المختلفة وميز بين الدلفين و الحوت و أكد أنها حيوانات ثديية, كما لاحظ
الفرق بين خصائص المياه البحرية و المياه العذبة و بالإضافة إلى أرسطو نبغ عدد من
العلماء منهم :
بيثياس Pytheas
في القرن الرابع قبل الميلاد قام هذا الملاح الفلكي
برحلة بحرية من ميناء مرسيليا و خرج إلى المحيط الأطلسي و اتجه شمالا أملا أن يحدد
مدى امتداد اليابسة و قد اكتشف هذا العالم الجزر البريطانية و اتجه إلى اسكتلندا و
سماها أرض ثول, كما قام بتحديد خطوط الطول و دوائر العرض على الخرائط المعروفة و
ربط بين ظاهرة المد و الجزر و حركة القمر بالرغم من عدم معرفته بقوانين الجاذبية.
اراتوستين Eratosthenes ( 276 _ 196 ق.م )
كان لازدهار علوم الفلك و الرياضيات بمدرسة الإسكندرية
القديمة في العصر البطلمي أثر كبير في تقدم الجغرافيا الفلكية و فنون الملاحة, و
قد اشتغل اراتوستين في وظيفة الأمين العام لمكتبة الإسكندرية و برع في الرياضيات و
الفلك وقام لأول مرة بتقدير محيط الكرة الأرضية (229 ق.م ) مما كان له أثر كبير في
قياس خطوط الطول و العرض و تحديد أبعاد الأرض و رسم الخرائط الملاحية. و لإثبات
ذلك قام اراتوستين بملاحظة ظل الأعمدة و المسلات في وقت الظهيرة يوم 21 يونيو في
موقع بالإسكندرية و أخر بالقرب من أسوان حيث تكون الشمس عمودية عند أسوان فلا
تتكون ظلال للأعمدة و المسلات أما في الإسكندرية فتتكون الظلال و يرجع ذلك حسب فرض
اراتوستين إلى تقوس الأرض و لما كانت هاتين المدينتين تقعان على خط طول واحد فقد
قام اراتوستين بتعيين زاوية الظل في الإسكندرية فوجدها تساوي 50/1 جزء من دائرة
كاملة و قاس المسافة بين الإسكندرية و أسوان فوجدها 800 كم وعلى هذا قدر محيط
الكرة الأرضية بما يعادل 40000 كم و يلاحظ أن التقدير الصحيح لا يزيد عن ذلك كثيرا
فهو يساوي 021 40 كم , كما تنبأ هذا العالم الاسكندري أيضا بأنه أذا أبحرت سفينة
غربا من اسبانيا فإنها تصل في النهاية إلى الهند. و رسم خريطة للعالم أوضح فيها
معظم أجزاء أوربا و النصف الشمالي من قارة أفريقيا و أخطا في تجاهله النصف الجنوبي
من أفريقيا و كل ألأراضي الشرقية و الشمالية من أسيا إذ أنه رسم الأجزاء المعروفة
على شكل قرص مستدير من اليابسة يحيط به البحر المحيط من كل الجهات كما اعتبر أن
بحر قزوين يصب في المحيط المتجمد الشمالي.
بطليموس Ptolemy Claudius ( 168 ـــ 90
)
كان لأبحاث اراتوستين أثر كبير على خريطة العالم التي
وضعها بطليموس الذي عاش هو الأخر في الإسكندرية في القرن الثاني الميلادي, وقد ضمت
خريطته معلومات كثيرة عن حوض البحر الأبيض المتوسط و أواسط أوربا و أوضح أن بحر قزوين يعتبر بحر
داخليا مقفلا تصب فيه أنهار عظمى و لكنه أخطا حين أعتبر أن المحيط الهندي محيط
مقفلا و أوصل أراضي وسط أفريقيا بلسان أرضي يتصل بشرق أسيا.
أفكار
العرب عن البحار و المحيطات في فترة العصور الوسطى
سادت أوربا خلال العصور الوسطى فترة طويلة من الاضمحلال
و الركود العلمي نظرا لسيطرة رجال الكنيسة و الكهنة على التفكير العلمي و انتشرت
الخرافات و الأساطير حول أهوال البحر و إحيائه الغريبة و أكد الكهنة أن البحر
يسكنه الجن و الشياطين كما أعتقد كتاب هذه الفترة أن الأرض مسطحة الشكل و ليست
كروية كما أوضحت الدراسات الإغريقية من قبل و في هذه الفترة امتدت الدولة العربية
من الأندلس و جنوب فرنسا غربا إلى أواسط أسيا و الصين شرقا و امتدت طرق الملاحة
لهذه الدولة العظمى فشملت البحر الأبيض المتوسط و البحر الأحمر و بحر العرب و
الخليج العربي و المحيط الهندي و أرخبيل الملايو وبحر الصين و اليابان و نشأت نهضة
كبيرة في جميع فروع العلوم خاصة علوم الفلك و الرياضيات و الجغرافيا و أصبح العرب
على درجة كبيرة من الكفاءة و المهارة في ركوب البحر و دراسة الرياح و الأنواء و
العواصف في بحار العالم المختلفة ولمع من الملاحين العرب ربابنة من أمثال أحمد بن
ماجد النجدي الذي عاش في القرن الخامس عشر الميلادي و كان خبيرا بإسرار الملاحة في
البحار المعرفة و في المحيط الهندي بل كان ربان سفينة فاسكو دي جاما أثناء عبورها
رأس الرجاء الصالح و له مؤلفات قيمه في علم البحار و فنون الملاحة. كما يعتبر أبن
ماجد وأضع أصول العلم التجريبي في كتاباته كما يظهر من كتابه ((الفوائد)) حيث
يقول: و أصل علم البحر الفن و التجريب. كما أدخل هذا الربان تعديلات قيمة على
بوصلة الملاحة. و إلى العرب في القرون الوسطى يرجع الفضل في تحسين الجداول الفلكية
المستعملة في الملاحة, كما أدخلوا تحسينات هامة على بعض أدوات الرصد مثل المزولة و
الإسطرلاب و هو عبارة عن قرص معدني مستدير
مقسم تقسيم علمي يمكن بواسطته تقدير ارتفاعات النجوم و زواياها من السفينة حتى
يتعرف الربان على خط سيره و موقعة من خطوط الطول و العرض.
وقد وجه العرب اهتمامهم لدراسة الرياح و العواصف و
الأمواج, و يذكر ابن جبيرفي رحلته المعروفة باسمه (1182 م) العلاقة بين شدة الرياح
و حركة الأمواج و مواسم رسو السفن و طبيعة الملاحة البحرية في الحوض الشرقي من
البحر الأبيض المتوسط.
كما أوضح أبن الفقيه ( أبو بكر أحمد بن إبراهيم الهمذاني
) في كتابه (( مختصر كتاب البلدان)) مواسم الإبحار في بحار العالم و العلاقة بين
حركة الأمواج وهياج البحر و حركة الشمس الظاهرية. كما لاحظ الكتاب العرب حدوث
عملية المد و الجزر في بعض البحار و أثرها في حركة الملاحة البحرية, و يذكر
المقدسي في كتابه (( أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم )) 1289م وصفا تفصيليا
لعميلة المد و الجزر و موعد حدوثها و ما ينجم عن ارتفاع منسوب البحر و انخفاضه إلا
أنه ككل الكتاب العرب و غيرهم ممن سبقهم لم ينجحوا في تفسير حدوث هذه العملية
تفسيرا علميا.
و يذكر الدمشقي ( شمس الدين أبي عبد الله محمد الأنصاري
الدمشقي ) المتوفى سنة 727 هـ في كتابه (( نخبة الدهر في عجائب البر و البحر))
العلاقة بين ملوحة المياه و نوع التربة و تأثير فعل الشمس على تغير ملوحة الماء,
كما اهتم الرحالة العرب في كتاباتهم بدارسة مجموعات الكائنات البحرية التي تعيش في
بحار العالم, و لاحظوا مواسم صيد الأسماك و اختلاف هذه المواسم في البحار المختلفة
و أدوات الصيد. وقد عني ابن الفقيه بدراسة بعض الكائنات البحرية و تنوع العائلات
السمكية, كما ميز بين الأسماك و الثدييات البحرية.
و من أشهر جغرافيي العرب في القرون الوسطى
الخوارزمي (القرن التاسع الميلادي صاحب أول مصور جغرافي عربي) و الأصطخري
صاحب كتاب (( مسالك الممالك )) و البيروني ( القرن الحادي عشر) و الإدريسي ( القرن
الثاني عشر) و هو الذي استخدمه ملك صقلية روجرز الثاني رئيسا لبحريته و هناك وضع
الإدريسي كتابه (( نزهة المشتاق في اختراق الآفاق )) و فيه قسم الدنيا إلى مناطق
مناخية مميزة و وضع مصطلحات عربية سليمة لبعض الظواهر البحرية التي تعوق الملاحة,
ومن ذلك تسميته المناطق التي تترسب فوقها الرمال و تجعل عمق الماء فوقها ضحلا لا
يسمح بالملاحة (( بالأقاصير)).
الكشوف الأوربية في القرنين
الخامس عشر و السادس عشر
بدأت مرحلة الكشوف الأوربية عقب سقوط الأندلس بحافز مادي هو البحث عن طرق جديدة
إلى الهند للتجارة و نقل البضائع بدلا من الطرق التي كان العرب في الشرق لا يزالون
يتحكمون فيها. و قد ازدهرت هذه الكشوف على يد البرتغاليون و الأسبان و الايطاليين
و قد تم اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح 1497 م على يد البرتغالي فاسكو دي جاما, الذي استعان بالملاح العربي
أحمد بن ماجد في قيادة الرحلة من جنوب أفريقيا إلى الهند. و أبحر كريستوفر كولومبس
غربا سنة 1492 لاكتشاف العالم الجديد ووصل إلى إحدى جزر البهاما ( جزر الهند الغربية
). كما قام الايطالي امريجوفسبوتشي بقيادة بعثة برتغالية 1508 و وصل إلى شواطئ
البرازيل لأول مرة و إليه تنسب قارة
أمريكيا. و قام ماجلان 1519-1522 بالدوران حول أمريكيا الجنوبية و الخروج لأول مرة
إلى المحيط الهادي, ثم الملاحة غربا إلى الهند و العودة عن طريق رأس الرجاء الصالح
إلى أشبيلية في اسبانيا, و أثبت بذلك حقيقة كروية الأرض كما ظهرت جميع أجزاء قارات
العالم على الخرائط لأول مرة منذ بداية التاريخ البشري .
الكشوف البحرية في القرنين
الثامن عشر و التاسع عشر
- في عام 1725 قام لويجي فرناندو مرسيلي الايطالي بأول دراسة على خليج
مرسيليا فقاس الأعماق و درجات الحرارة و الملوحة و طبيعة القاع و استعمل الشباك و
الجرافات و وضع نتائجه في كتاب اسماه (( التاريخ الطبيعي للبحر)).
- في عام 1728 أكتشف الملاح الروسي برنج المضيق المعروف باسمه الذي يفصل
بين أمريكيا و آسيا في الشمال.
- في الفترة من 1768 ــ 1779 قام الملاح الإنجليزي الكابتن جيمس كوك بمسح
السواحل حول استراليا و زيلا ندة الجديدة و بعض الجزر الأخرى و أكتشف القارة
القطبية الجنوبية ( انتارتيكا) و بانتهاء رحلات كوك تم تحديد شكل المحيطات على سطح
الكرة الأرضية.
- في عام 1770 أصدر بنيامين
فرانلكين خريطة توضح مسار تيار الخليج الدافئ و يعتبر هذا أول نشر علمي في مجال
العلوم البحرية.
- قام تشارلز دارون برحلته الشهيرة على ظهر السفينة بيجل (1831ـ1836 )
لدراسة التاريخ الطبيعي في المحيطات و قام بجمع و دراسة آلاف من العينات و الأحياء
و قام بوضع نظريته عن نشاه و تكوين الشعاب المرجانية.
- خلال الفترة 1839ـ1843 قام الكابتن جيمس روس برحلاته لاستكشاف أعماق
المحيطات و تحديد أبعادها و تمكن من قياس أعماق حتى 7560 متر, و وضع خريطة للحدود
الجنوبية للبحار القطبية و ذلك على ظهر سفن الأبحاث اربيوس Erebus - و تيرور Terror .
- ادوارد فوربس (1815- 1854) E- Forbes
مؤسس علوم البحار البيولوجية, قام
بدراسة التاريخ الطبيعي للبحار والمحيطات و نبغ في ذلك منذ حداثة عمره و شغل أستاذ
و رئيس قسم التاريخ الطبيعي بجامعة ادنبره في بريطانيا, و قام بدراسة العلاقات بين
الحفريات المتتابعة في طبقات الصخور و بين النباتات و الحيوانات التي تعيش الآن. و
تمكن في دراسته لأحياء القاع في البحر
الايرلندي و البحر الأبيض المتوسط باستعمال الجرافه ( dredge ) من تصنيف الكائنات البحرية طبقا للطبقات
المائية المختلفة التي تعيش فيها. كما أكتشف أن هناك ارتباط وثيق بين كل من
التوزيع الجغرافي للكائنات البحرية و بين خصوبة مياه المحيط و وفرة الأملاح المغذية
و الخصائص الطبيعية لمياه المحيط. وقد عاصر فوربس جيلا من مشاهير علماء الأحياء
البحرية أمثال مايكل سارز النرويجي و هنري ميلن
ادواردز الفرنسي و استفاد من تبادل الأفكار و المعرفة الأفيانوغرافيه معهم
و مع كل التقدير للأبحاث القيمة التي قام بها فوربس إلا أن معظم أبحاثه كانت مرتبطة بالمناطق
الضحلة و اعتقد خطا في أن الحياة تنعدم أسفل عمق 600 متر نظرا لانعدام الضوء و
زيادة الضغط. و قد ثبت خطا هذه النظرية حيث أن الأبحاث و الاكتشافات أظهرت أن هناك
أحياء تعيش في الأعماق الكبيرة.
- ماثيو فونتين ماوري Maury 1806 ــ 1872
قام بدارسة مفصلة لتيار الخليج و للعوامل الفيزيائية الأخرى كالرياح و
التيارات البحرية و درجات الحرارة في البحر . و في عام 1842 عين في وظيفة المدير
العام للمرصد البحري الأمريكي و ساعده هذا المنصب على دراسة أكثر من نصف مليون
نتيجة لدرجات الحرارة و العوامل الفيزيائية الأخرى, و رسم خرائط توضح توزيع
التيارات البحرية و علاقتها بالرياح السائدة. وفي عام 1850 نشر كتابه المعروف (
الجغرافيا الفيزيائية للبحار) و يعتبر هذا أول كتاب في علوم البحار الفيزيائية.
- اكتشف جوهانزمولر1847 شبكة البلانكتون لجمع الهائمات و العوالق البحرية.
- في عام 1865 تمكن العالم الدانمركي فورشها مر من تحليل مياه البحار و
المحيطات بدقة.
- تشارلز ويفل طومسون Charles Wyville Thomson
( 1830 ــ 1882 )
ولد في اسكتلندا عام 1830 و شغل وظيفة أستاذ النبات في جامعة ادنبره عام
1868 وهو المكان الذي كان يشغله أستاذه ادوارد فوربس, و يعد طومسون من أكثر
العلماء الذين اهتموا بدراسة المحيطات دراسة علمية و على عكس أستاذه فقد أثبت أن
أعماق المحيطات ليست صحراء و أن هناك أحياء تعيش على أعماق أكبر من 1700 متر. و قد
قاد عدة رحلات علمية مع مساعده كاربنتر منها Lightning
سنة 1868 , Porcupine
( 69ـ 1870 ) و أخيرا رحلة تشالنجر ( 1872ـ
1876) .
- البعثة العلمية تشالنجر Challenger Expedition
نتيجة للنجاح الذي حققه تشارلز طومسون في اكتشافاته البحرية و بتشجيع من
الجمعية الملكية البريطانية, قامت البحرية البريطانية بتجهيز سفينة الأبحاث
تشالنجر للقيام بأكبر رحلة علمية افيانوغرافية لدراسة الظروف و الخصائص البيولوجية
و الفيزيائية و الكيميائية للمحيطات و قد عهد إلى تشارلز طومسون بقياده هذه الرحلة
وزودت السفينة بأحسن الأجهزة العلمية و المعدات التي كانت معروفة في تلك الفترة. و
قد أبحرت السفينة في 7 ديسمبر 1872 م, وبدأت سيرها من ميناء لندن و أمضت أكثر من
ثلاث سنوات متصلة تجوب المحيطات الثلاث الكبرى و عبرت الدائرة القطبية و عادت إلى
ميناء لندن في يوم 27 مايو 1876, و في خلال هذه الفترة قطعت السفينة 68890 ميلا
بحريا في محيطات العالم وعملت في 362 محطة جمعت منها عينات ألأحياء الهائمة و
أحياء القاع و عينات مياه و رصدت الأعماق و درجات الحرارة و بيانات الأرصاد الجوية,
و قامت بقياس التيارات البحرية عند كل محطة. و قد ضمت المجموعة البيولوجية 4717
نوعا جديدا تم وصفها لأول مرة و قد استمر تصنيف و دراسة العينات و البيانات التي
جمعت إثناء هذه الرحلة نحو 20 عاما و نشرت نتائجها في 50 مجلدا. كما قامت البعثة
بتحليل 77 عينة من ماء البحر تحليلا كيميائيا كاملا.
و تعتبر رحلة تشالنجر بحق أول رحلة علمية أقيانوغرافية منظمة لدراسة
المحيطات و لذلك فكثير من العلماء يعتبرون هذه الرحلة علامة بارزة في تاريخ تطور
علوم البحار بل البداية الحقيقة لنشأه علوم البحار كعلم له أسسه و قواعده و يمكن تلخيص أهم نتائج هذه الرحلة في
النقاط الآتية:
1. الحصول على البيانات اللازمة لرسم خريطة لأحواض المحيطات و أعماقها و طبوغرافيتها و كونتورات الأعماق و سجلت أقصى عمق 8190 متر بجوار جزر ماريانا في المحيط الهادي.
2. اكتشفت العديد من الجزر و المرتفعات البحرية وحددت أماكنها على خرائط.
3. أثبتت أن درجة الحرارة على أعماق 4000 متر و أكثر ثابتة و منخفضة ولا تزيد عن 2 درجة مئوية.
4. أمكن للبعثة قياس التيارات البحرية على السطح و عند الأعماق المختلفة و نشرت خرائط بحرية تفصيلية توضح مسار التيارات البحرية و أماكن العواصف وعلاقتها بنظام الرياح في أماكن مختلفة من المحيطات.
5. اكتشفت الحاجز Mid-Atlantic ridge الذي يفصل المحيط الأطلسي إلى حوضين عظيمين أحدهما شرقي و الأخر غربي و يؤيد هذا الحاجز نظرية الجيولوجي الألماني فجنرالمعروفة بنظرية زحزحة القارات Continental drift .
6. جمعت البعثة نحو 12000 عينة من رواسب القاع و قامت بدراستها و تقسيم أنواع الرواسب تبعا لحجمها و خواصها الفيزيائية و الكيميائية, كما قامت باكتشاف و تحديد مواقع رسوبيات القاع العميق مثل الطمي الأحمر و الطين الدياتومي Diatom ooze- Radiolaria ooze – Globigerina ooze.
7. اكتشفت البعثة عددا كبير من الحيوانات التي تعيش في القاع العميق وبذلك دحضت نظرية إدوارد فوربس التي تقول بعدم إمكان وجود الحياة في القاع العميق .
8. استطاعت البعثة أن تدحض الخرافة القائلة بوجود الكائنات الحية الأولى التي على شكل الاميبا و التي كانت تعتبر بأنها أصل المادة الحية على قاع البحر في الأغوار العميقه و أثبتت البعثة أن هذه المادة لا وجود لها في تلك الأغوار .
9. لم تعثر البعثة على أثر يؤيد اعتقاد اليونانيين القدماء بوجود قارة مغمورة تسمى قارة أطلانتس وذلك بعد مسح المحيط الأطلنطي.
10. درست البعثة الحاجز المرجاني العظيم في شمال استراليا.
11. أثبتت البعثة أن حيوانات القاع العميق ليست جميعها امتدادا لحيوانات منقرضة بل أنها يمكن أن تمثل فروعا لحيوانات تعيش في بيئة القاع العليا.
12. قامت البعثة بتجميع العديد من الأحياء البحرية السطحية و القاعية و قامت بدراستها و تصنيفها و توزيع هذه الكائنات و علاقتها بالظروف البيئة السائدة.
13. درست البعثة التركيب الكيميائي لماء البحر و أثبتت الثبات النسبي لمكونات ماء البحر الكيميائية في المياه الطليقة.
14. أن النجاح الذي حققته البعثة و التحسينات التي أدخلت على الأجهزة و الأدوات و الطرق العلمية المستعملة في أبحاث علوم البحار قد مهد الطريق أمام الباحثين في مجالات علوم البحار المختلفة و كان حافزا قويا لدفع عجلة البحث العلمي في علوم المحيطات بخطى واسعة جديدة للأمام و كان من نتيجة هذه البعثة أن تبارت الأمم في إرسال بعثات استكشافية لدراسة المحيطات .
1. الحصول على البيانات اللازمة لرسم خريطة لأحواض المحيطات و أعماقها و طبوغرافيتها و كونتورات الأعماق و سجلت أقصى عمق 8190 متر بجوار جزر ماريانا في المحيط الهادي.
2. اكتشفت العديد من الجزر و المرتفعات البحرية وحددت أماكنها على خرائط.
3. أثبتت أن درجة الحرارة على أعماق 4000 متر و أكثر ثابتة و منخفضة ولا تزيد عن 2 درجة مئوية.
4. أمكن للبعثة قياس التيارات البحرية على السطح و عند الأعماق المختلفة و نشرت خرائط بحرية تفصيلية توضح مسار التيارات البحرية و أماكن العواصف وعلاقتها بنظام الرياح في أماكن مختلفة من المحيطات.
5. اكتشفت الحاجز Mid-Atlantic ridge الذي يفصل المحيط الأطلسي إلى حوضين عظيمين أحدهما شرقي و الأخر غربي و يؤيد هذا الحاجز نظرية الجيولوجي الألماني فجنرالمعروفة بنظرية زحزحة القارات Continental drift .
6. جمعت البعثة نحو 12000 عينة من رواسب القاع و قامت بدراستها و تقسيم أنواع الرواسب تبعا لحجمها و خواصها الفيزيائية و الكيميائية, كما قامت باكتشاف و تحديد مواقع رسوبيات القاع العميق مثل الطمي الأحمر و الطين الدياتومي Diatom ooze- Radiolaria ooze – Globigerina ooze.
7. اكتشفت البعثة عددا كبير من الحيوانات التي تعيش في القاع العميق وبذلك دحضت نظرية إدوارد فوربس التي تقول بعدم إمكان وجود الحياة في القاع العميق .
8. استطاعت البعثة أن تدحض الخرافة القائلة بوجود الكائنات الحية الأولى التي على شكل الاميبا و التي كانت تعتبر بأنها أصل المادة الحية على قاع البحر في الأغوار العميقه و أثبتت البعثة أن هذه المادة لا وجود لها في تلك الأغوار .
9. لم تعثر البعثة على أثر يؤيد اعتقاد اليونانيين القدماء بوجود قارة مغمورة تسمى قارة أطلانتس وذلك بعد مسح المحيط الأطلنطي.
10. درست البعثة الحاجز المرجاني العظيم في شمال استراليا.
11. أثبتت البعثة أن حيوانات القاع العميق ليست جميعها امتدادا لحيوانات منقرضة بل أنها يمكن أن تمثل فروعا لحيوانات تعيش في بيئة القاع العليا.
12. قامت البعثة بتجميع العديد من الأحياء البحرية السطحية و القاعية و قامت بدراستها و تصنيفها و توزيع هذه الكائنات و علاقتها بالظروف البيئة السائدة.
13. درست البعثة التركيب الكيميائي لماء البحر و أثبتت الثبات النسبي لمكونات ماء البحر الكيميائية في المياه الطليقة.
14. أن النجاح الذي حققته البعثة و التحسينات التي أدخلت على الأجهزة و الأدوات و الطرق العلمية المستعملة في أبحاث علوم البحار قد مهد الطريق أمام الباحثين في مجالات علوم البحار المختلفة و كان حافزا قويا لدفع عجلة البحث العلمي في علوم المحيطات بخطى واسعة جديدة للأمام و كان من نتيجة هذه البعثة أن تبارت الأمم في إرسال بعثات استكشافية لدراسة المحيطات .
كما حظيت دراسة المحيطات بنصيب وافر خلال برامج
الدراسات العلمية التي أجريت خلال السنة الدولية المعروفة بسنة طبيعيات الأرض (
يونيو 1957- ديسمبر 1958 ) وقد أعطيت أهمية خاصة في هذا البرنامج لدراسة القارة
القطبية الجنوبية حيث سجلت أدنى درجة حرارة –3. 88 درجة مئوية في منطقة تبعد نحو 400 ميل عن القطب الجنوبي ووجد
أن هذه القارة تتألف من سلاسل من الجبال والجزر بعضها مغمورة تحت سطح البحر و
بعضها قائم فوقه و تغطى هذه التضاريس طبقة من الجليد سمكها نحو أربعة كيلومترات في
المتوسط ولو قدر لهذه الكتلة الجليدية أن
تذوب لارتفع مستوى المياه في البحار و المحيطات بنحو 65 مترا كما وجد أن هذه
القارة فوقها نسبة عالية من غاز الأوزون متسربة من منافذ في منطقة التروبوسفير
(على ارتفاع 5 كم فوق سطح القارة). كما تناولت الدراسات الجيولوجية طبقات الصخور و
الحفريات أسفل طبقة الجليد و التي أوضحت أن مناخ القارة القديم كان حارا, و قد
اشترك في هذا البرنامج 60 سفينة أبحاث تنتمي إلى 40 دولة.
و في الفترة من 1961 إلى 1965 نظمت دراسة دولية مشابهة لدراسة المحيط
الهندي و منذ رحلة تشالنجر اهتمت الدول بإنشاء المحطات و المعامل البحرية المتخصصة
نذكر منها :
1. محطة
الأحياء البحرية بنابولي في ايطاليا التي أنشئت عام 1872 , وهي أقدم محطة من
نوعها.
2. معمل
البيولوجيا البحرية – وودز هول Marine Biological Laboratory of wood Hale في ولاية ماساشوتز
بأمريكا عام 1888 .
3. معمل
البيولوجيا البحرية في بلايموث بانجلترا 1879
4. متحف
التاريخ الطبيعي في موناكو 1910 Oceanographic Museum of Monaco .
5. معهد
اسكربس للاقيانوغرافيا 1905 Scripps Institute of Oceanography في ولاية كاليفورنيا.
6. محطة
الأحياء المائية بالغردقة 1930 و محطة الأحياء المائية بالإسكندرية 1930 .
كما اكتشفت طرق و وسائل جديدة لجمع العينات و دراسة
الأحياء البحرية و سبر الأعماق و كان لاكتشاف الأحياء الهائمة أثر كبير في دراسة
اقتصاديات البحار و يعتبر جوهانس مولر 1846 أول من استخدم شباك البلانكتون في جمع
هذه الأحياء و دراستها باستخدام الميكروسكوب الضوئي وقد أطلق فكتورهنسن 1887 اسم
البلانكتون على هذه المجموعة و بدأ أول دراسة كمية للأحياء البحرية. كما أخترع
العالم الايطالي بالمبو Palumbo شباك البلانكتون القافلة و
استعملت بنجاح في دراسة التوزيع الرأسي للهائمات في المحيط الباسيفكي عام 1884 .
كما صمم فردريك نانسن 1905 زجاجة جمع العينات المعروفة باسمه كما اخترع اكمان جهاز
لقياس التيارات البحرية المعروف باسمه.
وفي عام 1934 تمكن وليم بيب و أوتس بارتن من النزول في
البحر إلى عمق 930 متر في الجهاز المعروف بكرة الأعماق Bathysphere و أمكن بذلك ملاحظة الأحياء البحرية في بيئتها الطبيعية و مشاهدة
ودراسة خصائصها و سلوكها, وقد طور هذا الاكتشاف عام 1960 على يد بيكارد Piccard باستعمال الغواصات المائية
حيث أمكن بها الغوص إلى أعماق 11000 متر في غور ماريانا في المحيط الهادي, وبذلك
أمكن اكتشاف الحياة في الأعماق الكبيرة, كما استعمل جهاز الرئة المائية SCUBA Self contained under
water breathing apparatus بواسطة كوستو عام 1943 و اميل جاجان وذلك لدراسة الأحياء
البحرية في المناطق الضحلة.
وفي أثناء الحرب العالمية الثانية تم اكتشاف جهاز صدى
الأعماق Echo-sounder لقياس أعماق المحيطات و قد طور
هذا الجهاز الذي سبق أن استعمل منذ عام 1920 و يعتبر هذا الجهاز من أوائل الأجهزة
الكترونية التي استعملت في دراسات البحار. و قد أدى استعمال هذا الجهاز إلى تقدير
أعماق المحيطات بدقة وبسرعة و رسم كونتورات
الأعماق في معظم المحيطات.
كما استعملت المفرقعات في الدراسات السيزمية منذ أربعينيات
القرن الماضي وذلك لدراسة القشرة الأرضية أسفل قاع المحيط. كما استعملت السفينة
الباتروس ( 47ـ1948 ) جهاز كولنبرج المعروف ببريمة الأعماق لجمع عينات الطبقات
العميقة من الرواسب.
تتكون علوم البحار
الحديثة من أربعة أفرع رئيسية هي علوم البحار البيولوجية و علوم البحار الكيميائية
و علوم البحار الفيزيائية و علوم البحار الجيولوجية . تهتم علوم البحار البيولوجية
بدراسة الأحياء البحرية النباتية و الحيوانية من النواحي التصنيفية و التشريحية و
الفسيولوجية و السلوكية و علاقاتها ببعضها البعض و بالأحياء الدقيقة و بالبيئة
التي تعيش فيها و كذلك توزيعها الرأسي و الأفقي في البحار و المحيطات . و تهتم
علوم البحار الكيميائية بدراسة الخصائص الكيميائية في البيئة البحرية مثل تركيز
العناصر و الأملاح و الغازات في مياه البحر و الملوحة و توزيع هذه الخصائص أفقيا و
رأسيا في مياه البحر كما تهتم بدراسة الخصائص الكيميائية للرواسب ألقاعيه و كذلك
التلوث البحري . علوم البحار الفيزيائية تهتم بدراسة الخصائص الفيزيائية للبحار
مثل درجة الحرارة و الضوء و الكثافة و توزيع هذه الخصائص رأسيا و أفقيا في مياه
البحر كما تهتم بدراسة التيارات البحرية و الأمواج و المد و الجزر و التبادل
المائي و الكتل المائية. و تهتم علوم البحار الجيولوجية بدراسة نشأة البحار و
المحيطات و طبوغرافية القاع و الرواسب البحرية و الحركات الأرضية في قاع المحيطات
مثل الزلازل و البراكين و جيومورفولوجيا السواحل و تصنيف الشواطئ البحرية و حركة
الألواح الأرضية و غيرها .
ومن المعروف بأنه لا توجد فواصل أو حدود في
البيئة البحرية بين الخصائص البيولوجية و الكيميائية و الفيزيائية و الجيولوجية
حيث تتداخل هذه الخصائص و تؤثر على بعضها البعض بشكل كبير فالأحياء البحرية تؤثر
في تركيز و توزيع الغازات الذائبة و المواد العضوية و غير العضوية الذائبة في مياه
البحر و كذلك طبيعة الرواسب القاعية و شفافية المياه و غيرها , كما أنها تتأثر
بهذه الخصائص , كما تؤثر طبوغرافية القاع على اتجاه و سرعة التيارات البحرية , كما
أن التيارات البحرية تحدد توزيع و انتشار الرواسب القاعية . و هكذا نرى بأن هذه
الخصائص تتداخل مع بعضها البعض و تؤثر على بعضها إلى حد كبير مما يحتم على المتخصص
في أحد فروع علوم البحار أن يكون ملما بباقي أفرع علوم البحار حتى يستطيع دراسة
الظواهر البحرية بشكل علمي سليم و حتى يستطيع تفسير النتائج التي يتوصل اليها بأسلوب
علمي دقيق.
معظم الأحياء الأرضية
تعيش في نطاق سمكه حوالي 20 متر. و تغطي
البحار و المحيطات حوالي %70 من مساحة سطح الكرة الأرضية و يبلغ متوسط العمق فيها
حوالي 4 كيلومتر موفرة مساحة للحياة تبلغ حوالي 300 ضعف مقارنة بالمساحة المأهولة بالحياة
على اليابسة.
أهم خصائص الأحياء البحرية
1. تقضي
الكثير من الأحياء البحرية جزء من حياتها على الأقل ملتصقة بالأسطح الصلبة بينما
الكثير منها أو معظمها تعيش طافية أو سابحة في محيط مائي متجانس. و يمتد مدى
تواجدها من الطبقة السطحية المضاءة إلى الأعماق المظلمة من قاع المحيط .
2. الوزن
الفعال للأحياء البحرية في الوسط المائي يمثل جزءا صغيرا من وزنها في الهواء أو في
البيئة الأرضية ( كثافة ماء البحر3cm
/ gm 025 .1 ) لذا فأن الأعضاء
الداخلية و أطراف الجسم تكون مختلفة في الأحياء البحرية عنها في الأحياء الأرضية.
3. معظم
الأحياء البحرية تكيفت لتعيش في طبقة معينة من المحيط تتميز بشدة ضوء و درجة حرارة
مناسبة.
4. معظم
النباتات و الحيوانات البحرية تكون كثافتها أعلى قليلا من كثافة ماء البحر لذا
فأنها سوف تهبط نحو القاع ما لم تكن لديها القدرة على السباحة أو تكون مزودة
بوسائل خاصة تمكنها من الطفو.
5. من
النادر أن تتعرض الأحياء البحرية لتغيرات سريعة و كبيرة في درجة الحرارة كما هو
الحال في البيئات الأرضية.
6. معظم
الأحياء البحرية من ذوات الدم البارد أي أن درجة حرارتها الداخلية تماثل درجة
حرارة البيئة التي تعيش فيها.
7. معظم
الأحياء البحرية تكون سوائل جسمها ذات ملوحة مساوية تقريبا لملوحة ماء البحر كما
أن بعض الأسماك و اللافقاريات تمتلك طرق لإخراج الماء و الأملاح, كما أن هذه
الأحياء تستطيع حماية نفسها و المحافظة على الملوحة الداخلية في أجسامها عن طريق
تكوين أصداف خارجية أو قشور.
التقسيمات البيئية للمحيط
يمكن تقسيم البيئة البحرية إلى قسمين رئيسيين هما:
1. البيئة
المائية Pelagic
Environment
2. البيئة
القاعية Benthic
Environment
البيئة المائية تشتمل على الكتلة المائية التي تعلو قاع البحر و يمكن
تقسيمها أفقيا إلى:
1. المنطقة
الشاطئية Neritic
Province : و تشتمل على البيئة المائية التي تعلو الرصيف
القاري و تمتد من سطح البحر إلى عمق m 200
تقريبا.
2. المنطقة
المحيطية Oceanic
Province : و تشتمل على البيئة المائية التي تلي المنطقة
الشاطئية و تمتد حتى الأعماق السحيقة من المحيط.
كما يمكن تقسيم البيئة البلاجية ( المائية ) رأسيا إلى :
1. Epipelagic
zone : 0-m 100 .
2. Mesopelagic
zone : 100- m 1000 .
3. Bathypelagic
zone : 1000 – m
4000 .
4. Abyssopelgic
zone : 4000 – m
6000 .
5. Hadal
zone : أكبر من m
6000 .
كما يمكن تقسيمها رأسيا إلى:
1. Euphotic
zone : و تتميز بالإضاءة الكافية لنمو النباتات و
تمتد لحوالي m 100 .
2. Disphotic
zone : و تتميز بإضاءة خافتة غير كافية
لنمو النباتات و تمتد لحوالي m 500
3. Aphotic
zone : و تتميز بالظلام الدامس و غياب النباتات
البحرية .
البيئة القاعية تشتمل على قاع المحيط و يمكن تقسيمها إلى :
1. منطقة
المد و الجزر intertidal zone : و هي المنطقة القاعية الواقعة بين أعلى مد و
أدنى جزر.
2. أسفل
منطقة المد و الجزرSubtidal zone : و تمتد من خط الجزر و حتى عمق m
200 تقريبا .
3. المنطقة
القاعية العميقة Bathybenthic zone: و تمتد
من 200 و حتى عمق m 4000.
4. المنطقة
القاعية السحيقة Abyssobenthic zone : و تمتد من عمق 4000 و حتى الأعماق السحيقة من
المحيط .
يوضح لنا التقسيم البيئي للمحيط بان الأحياء البحرية يمكن أن تكون:
·
أحياء قاعية Benthos : و تشتمل على كل الأحياء
البحرية التي تعيش على قاع البحر و تعتمد عليه في معيشتها.
·
أحياء بلاجية Pelagic : و تشتمل على كل الأحياء البحرية التي تعيش في مياه البحر غير
معتمدة على القاع.
تسكن البيئة المائية Pelagic Environment أنواع عديدة و متنوعة من الأحياء البحرية التي
يمكن وصفها في الأقسام الآتية :
الهائمات Plankton
وهي أحياء بحرية تعيش هائمة أو طافية أو عالقة في مياه البحر. ليست لها
وسائل حركة قوية تمكنها من الحركة أو السباحة عكس التيارات البحرية و لذا فهي
تتحرك مع حركة المياه و التيارات البحرية. تمثل هذه المجموعة الهائمات النباتية Phytoplankton و الهائمات الحيوانية Zooplankton .
A – الهائمات
النباتية phytoplankton
و هي نباتات ميكروسكوبية صغيرة جدا في الحجم توجد في البيئة البحرية هائمة
أو عالقة في المياه و تتحرك مع حركة المياه و التيارات البحرية . تعتبر الهائمات
النباتية المنتج الأولي الأكثر انتشارا و أهمية في البيئة البحرية و تكون الحلقة
الأولى في سلسلة الغذاء في البحر حيث تعتمد عليها كل الأحياء البحرية الأخرى في
المستويات الغذائية الأعلى . تعتمد وفرة الهائمات النباتية و إنتاجيتها على
العوامل الفيزيائية و الكيميائية و البيولوجية السائدة في البيئة التي تعيش فيها و
أهم هذه العوامل هي الضوء و درجة الحرارة و الملوحة و وفرة الأملاح المغذية و
الرعي بواسطة الهائمات الحيوانية . تكون المياه الساحلية و مناطق الانبثاق الرأسي Upwelling غنية بالهائمات النباتية
و تتميز بإنتاجيتها العالية بينما تكون المياه المحيطية فقيرة نسبيا بالهائمات
النباتية و إنتاجيتها أقل. و من أمثلتها الدياتومات و ثنائية الأسواط و الطحالب
الخضراء المز رقه الخ ..... .
B _ الهائمات الحيوانية Zooplankton
وهي حيوانات صغيرة تعيش هائمة أو طافية في المياه البحرية و نظرا لقدرتها
المحدودة على الحركة فهي تنتقل و تتحرك مع حركة المياه و التيارات البحرية. تلعب
الهائمات الحيوانية دورا مهما في سلسلة الغذاء في البحر حيث تمثل حلقة الوصل بين
المنتجون الأولون ( الهائمات النباتية ) و
الأحياء البحرية الأخرى في المستويات الغذائية الأعلى . تتوقف وفرة الهائمات
الحيوانية على إنتاجية المنطقة التي تعيش فيها حيث لوحظت بكثرة في المناطق التي
تتميز بإنتاجيتها العالية . أهم مجموعات الهائمات الحيوانية في البيئة البحرية هي
مجدافية الأقدام Copepods , القشريات الصدفية Ostracods و Amphipods و غيرها .
يمكن تقسيم الهائمات الحيوانية إلى :
Holoplankton
_a
و هي هائمات حيوانية تقضي طوال فترة حياتها هائمة أو طافية أو عالقة في
مياه البحر. أي أنها تعيش حياه بلانكتونية طوال فترة حياتها. من أمثلتها Foraminifera , Radiolaria ,Tintinnids ,Copepods
, Euphausiids , Cladocera .......... الخ.
Meroplantkton_ b
و هي هائمات حيوانية تقضي جزء من حياتها هائمة
أو طافية أو عالقة في مياه البحر و تقضي بقية حياتها أما قاعية أو سابحة في المياه
البحرية, أي أنها ليست بلانكتونية طوال فترة حياتها . من أمثلها يرقات الأسماك
والأحياء القاعية.
السباحات Nekton
و هي حيوانات بحرية كبيرة نسبيا لها أعضاء حركة قوية و متطورة تمكنها من
الحركة الايجابية النشطة , فهي تسبح بسرعات كبيرة نسبيا و تستطيع السباحة عكس حركة
المياه و التيارات البحرية. تكون السباحات المستويات الغذائية الأعلى في سلسلة
الغذاء في البحر فهي أما أن تتغذى مباشرة على النباتات البحرية أو على الهائمات
النباتية و الحيوانية و القشريات و الرخويات, كما تتغذى على بعضها البعض حيث تأكل
الأسماك الكبيرة اللاحمة الأسماك الصغيرة. و من أمثلة السباحات الأسماك و الحيتان.
تعتبر مصايد الأسماك مصدرا هاما للبروتين الحيواني, و أهم المصايد التجارية هي
مصايد أسماك الماكريل و التونة و الرنجة و الساردين و السالمون و غيرها. كما تعتبر
مصايد الحيتان مصدر هام للبروتين و الزيوت الحيوانية إلا أنه قد حضرت و منعت تجارة
الحيتان في أماكن كثيرة من العالم نظرا لتناقص أعدادها نتيجة الاصطياد الجائر لها
مما يهددها بالإقراض.
تتميز الأعماق الكبيرة من المحيط و خصوصا القاع السحيق
بالظلام الدامس و البرودة الشديدة و انعدام الحياة النباتية فيها. و تمتلك أحياء
الأعماق السحيقة من المحيط تحورات تساعدها على التكيف و المعيشة في هذه البيئة
الغريبة. حيث أن بعض الأسماك تمتلك لوامس رفيعة و أعضاء منتجة للضوء تمكنها من
استكشاف بيئتها و تساعدها على اقتناص فرائسها و التعرف على قرائنها في موسم
التكاثر. كما تتميز بفكوكها الكبيرة و الواسعة و أسنانها القوية التي تمكنها من الإمساك
و ابتلاع فرائس أكبر حجما منها. كما تتميز أحياء الأعماق السحيقة بألوانها الداكنة
أو المحمرة و التي تجعلها غير مرئية في مثل هذه البيئات.
د/ أكرم
القرشي
أحياء البيئة القاعية
Benthos
تعيش الأحياء القاعية
في البحار و المحيطات أما ملتصقة بالأسطح الصلبة أو متحركة ( زاحفة أو ماشية ) على
القاع أو حافرة في رواسب القاع. و ترتبط طريقة المعيشة أساسا بطريقة الحصول على
الغذاء. فأحياء القاع الملتصقة تتغذى في الغالب بالترشيح Filter Feeders
و الأحياء المتحركة تتغذى بالافتراس Predation و الأحياء الحافرة في رواسب القاع تتغذى بابتلاع
الرواسب القاعية Swallowing Soft Sediments. و قد
تتداخل طرق المعيشة أحيانا و تتخذ أشكالا مختلفة. فالسرطانات أو الديدان القاعية
مثلا تعيش في حفر في القاع الرملي أو في الصخور و لكنها تخرج من حفرها لتصطاد
فرائسها بنشاط أو لتتغذى على المواد العضوية الموجودة على القاع. الحيوانات
القاعية بطيئة الحركة و التي تمتلك أصداف ثقيلة نسبيا مثل القواقع و القنافذ
البحرية تتغذى على الأحياء الملتصقة بالصخور أو على الفتات العضوي. لكن بعض
الأحياء القاعية الجالسة أو الملتصقة على الصخور مثل شقائق النعمان يمكن أن تكون
مفترسات تستطيع الإمساك بالأحياء البحرية التي تهيم أو تسبح جوارها.
أحياء القيعان الصخرية Rocky Bottoms Organisms
في البيئات القاعية الصخرية
تكون حركة المياه والتيارات البحرية قوية بحيث لا تسمح بتراكم الرواسب الرملية أو
الطينية. وتوجد هذه البيئات عادة في المناطق الشاطئية ذات الأمواج القوية. و تتميز
منطقة المد و الجزر في الشواطئ الصخرية بتغيرات كبيرة في درجة الحرارة و الرطوبة و
تركيز الأكسجين و الملوحة و لذا فأن الأحياء البحرية في هذه المنطقة تتميز بقدرتها
على تحمل التغيرات الفجائية لهذه العوامل البيئة. المنطقة الواقعة عند و حول خط
الجزر في الشواطئ الصخرية تتميز بوجود عدد كبير من الأحياء البحرية فنجوم البحر و
السرطانات البحرية شائعة فيها و عادة ما توجد في الشقوق بين الصخور. بعض الرخويات Small Snails و التي تعيش معيشة
رمية Scavengers توجد في الأماكن المحمية ذات المياه الراكدة الغنية بالفتات
العضوي المتحلل. شقائق النعمان وقنافذ البحر و خيار البحر ربما توجد بكثرة أسفل
منطقة الجزر. مستعمرات الحيوانات الهيدرية تنمو في المياه الهادئة و كذلك عاريات
الخياشيم Nudibranchs
التي تتغذى عليها. الشروخ Lobsters يعيش أيضا في المنطقة الواقعة أسفل منطقة الجزر في البيئات القاعية الصخرية
و يمتد مداه من قرب الشاطئ و حتى مسافات بعيدة على الرصيف القاري. الاخطبوط أيضا
يعيش في البيئات الصخرية أسفل منطقة الجزر على الرصيف القاري مختبئا بين الصخور
حيث يخرج في الليل بحثا عن الغذاء.
أحياء القيعان الرخوة (الرملية و الطينية) Soft Bottoms Organisms
في المناطق ذات المياه البحرية الهادئة نسبيا مثل
الخلجان و بعض الشواطئ المحمية (لا توجد أمواج أو تيارات بحرية قوية) تتراكم
الرواسب الرملية أو الطينية مكونة قاعا رخوا. و توجد البيئات القاعية الرملية في
المناطق التي تكون فيها المياه متحركة (أمواج ضعيفة أو متوسطة القوة) بحيث لا تسمح
بتراكم الرواسب الطينية أما البيئات القاعية الطينية فتوجد في المناطق الهادئة
عديمة الأمواج. في البيئات القاعية الرملية تكون المسافات البينية بين حبيبات الرمل
كبيرة نسبيا مما يسمح بتغلغل المياه وتعويض الأكسجين المستهلك في الرواسب التحت
سطحية إلا أن حركة حبيبات الرمل بفعل حركة المياه قد تؤذي الأحياء القاعية ولذا
تكون أحياء القيعان الرملية ذات أجسام انسيابية و لها أصداف سميكة لحمايتها من فعل
حركة المياه و حبيبات الرمل كما أن بعضها الآخر يعيش داخل حفر في قاع البحر. في
البيئات القاعية الطينية نظرا لصغر حجم حبيبات الرواسب تكون المسافات البينية بين
الحبيبات منعدمة مما يعوق تغلغل المياه و تجديد الأكسيجين المستهلك مما يؤدي إلى
تكون بيئات لاهوائية في الرواسب التحت سطحية.
يمكن أن تكون أحياء القيعان الرخوة Infauna ( تعيش في حفر أو مدفونة
في الرواسب ) أو Epifauna (تعيش على سطح الرواسب القاعية). توزيع الأحياء
القاعية التي تعيش في رواسب القاع يعتمد إلى حد ما على حجم حبيبات الرواسب
القاعية. فالأحياء التي تتغذى بالترشيح تسود الرواسب الرملية أسفل منطقة الجزر.
القيعان الطينية مناسبة أكثر للأحياء التي تتغذى عن طريق ابتلاع الرواسب القاعية
بطريقة غير اختيارية. في منطقة المد والجزر تسود الأحياء القاعية التي تتغذى على
الرواسب Deposits
Feeders مهما كانت طبيعة القاع و ذلك لأن الأسطح الغير
مستقرة للرواسب تمنع تراكم الهائمات النباتية أو أي حبيبات غذائية أخرى يمكن أن
تؤكل بواسطة الأحياء القاعية المرشحة. في مناطق المد و الجزر التي تنعدم فيها
التيارات و الأمواج القوية تتواجد بيئات الحشائش البحرية الغنية بالتنوع الحيوي و التي تعمل على تثبيت رواسب القاع. تكثر في
هذه البيئات الحيوانات الحافرة مثل بعض أنواع الرخويات و بعض الديدان الحافرة. حول
منطقة المد تعيش بعض السرطانات الحافرة. أسفل منطقة الجزر في الرواسب الطينية
للرصيف القاري توجد أعداد كبيرة من ذوات المصراعين Bivalves
التي تتغذى على الرواسب القاعية. في المناطق التي تكثر فيها الأحياء القاعية التي
تتغذى على الرواسب تكون الأحياء القاعية المرشحة نادرة التواجد وذلك لأن نشاط
الأحياء التي تتغذى على الرواسب تجعل المكان أقل ملائمة أو غير مناسب للأحياء
المرشحة.
المجتمعات الحياتية في بيئات الشعاب Reef Communities
تبدأ المجتمعات الحياتية في بيئات الشعاب بالتكون عندما
تبدأ الأحياء السائدة ببناء تراكيب صلبة مقاومة لفعل الأمواج على القاع مما يؤدي
لتكون بيئات مناسبة للأحياء الأخرى. تقوم أحياء عديدة بتكوين الشعاب. تتواجد
الشعاب المرجانية بشكل رئيسي في المناطق الحارة و شبة الحارة للبحار و المحيطات.
بعض الطحالب القاعية الحمراء تساهم كثيرا في التصاق الشعاب و المراجين ببعضها
البعض. و تعتبر بيئات الشعاب المرجانية من أكثر البيئات إنتاجية في المحيط و تتميز
بتنوعها البيئي المميز حيث تعيش فيها أنواع عديدة من الأحياء القاعية و البلاجية.
و تشير التقديرات إلى وجود أكثر من 3000 نوع من الأحياء البحرية في بيئات الشعاب
المرجانية الكبيرة نسبيا.
الرخويات القاعية ثنائية الأصداف (Oysters )توجد بكثرة في المناطق الساحلية في أماكن كثيرة
من العالم و تعتبر مصدر غذائي هام في بلدان كثيرة. شعاب الرخويات Oyster Reefs تتكون من أعداد هائلة من
الأفراد التي تلتصق أصدافها ببعضها البعض و بالصخور. الأحياء الملتصقة بها مثل
الحشف البحري و الديدان الأنبوبية Tube worms و بلح البحر Mussels
تزيد من قوة التصاقها و ثباتيتها مما يؤدي إلى استقرارية هذه الشعاب. الشقوق
الموجودة بين هذه الشعاب توفر ملجأ ومسكن للأحياء المرشحة الصغيرة Small Filter Feeders . الأحياء الدقيقة و الديدان المفلطحة و السرطانات الصغيرة تتطفل
في تغذيتها على الحيوانات الثابتة Fixed Animals بينما أنواع محددة من الأسماك تكيفت خصيصا للعيش
في هذه البيئات. نجوم البحر و الرخويات Snails و السرطانات و أنواع مختلفة من الأسماك تتغذى
مباشرة على أل Oysters .
يمكن بناء الشعاب الصناعية Artificial Reefs بوضع إطارات السيارات أو
السيارات القديمة أو السفن الغارقة أو الكتل الأسمنتية في أماكن معينة مما يوفر
أسطح مناسبة لالتصاق الأحياء القاعية و أماكن حماية و تغذية للعديد من الأحياء
البحرية مما يؤدي لزيادة الإنتاجية. يمكن أن تستخدم الشعاب الصناعية أيضا لحل
مشكلة التخلص من المخلفات الصلبة لسكان المناطق الساحلية.
أحياء القاع العميق Deep Ocean Benthos
في
الأعماق الكبيرة من المحيطات تتغير درجة الحرارة و الملوحة قليلا و تعتبر هذه
الثباتية طويلة الأمد آذ تمتد لملايين السنيين. ثبات و استقرارية الظروف البيئة في
الأعماق الكبيرة أدى لظهور أنواع مختلفة من أحياء القاع العميق (2000 – 4000 متر).
الرواسب الرخوة تسود في قاع المحيط و بالتالي تسود أحياء القاع التي تتغذى على
الرواسب خصوصا في الأجزاء الوسطى من الأحواض المحيطية بعيدا عن الشاطئ.
في
المناطق المغطاة بالرواسب الطينية الحمراء Red–clay depositsحيث تتجمع الرواسب القاعية ببطء
و حيث تحتوي الرواسب على أقل من % 0.25 كربون عضوي ربما تسود الأحياء القاعية المرشحة Filter Feeders .
الاسفنجيات و الجوفمعويات و الديدان و الرخويات ثنائية
الأصداف و القشريات و كل المجموعات الكبيرة للأحياء القاعية التي تعيش في المياه
الضحلة تتواجد أيضا في القاع العميق للبحار و المحيطات. تكون الكتلة الحية Biomass منخفضة جدا في الأعماق السحيقة من المحيط. كما أن عدد الأنواع يقل
أيضا في الأعماق السحيقة (اكبر من 4000 متر) وذلك بسبب قلة الغذاء نتيجة لبعد
المسافة عن الطبقة السطحية المضاءة المصدر الرئيسي للغذاء في البحر.
الإنتاج الأولي Primary Production
هو عملية بيولوجية تقوم فيها النباتات بإنتاج مواد عضوية
معقدة التركيب غنية بالطاقة ( كربوهيدرات, دهون , بروتين , الخ ...) من ثاني أكسيد
الكربون و الماء و أملاح غير عضوية بسيطة ( نترات, فوسفات, الخ...) باستخدام
الطاقة الضوئية في وجود الكلوروفيل.
ضوء
CO2
+ H2O
---------------> CH2O
+ O2 ↑
كلوروفيل
و يعبر عن الإنتاج الأولي بكمية الكربون العضوي المتكون في وحدة المساحة أو
في وحدة الحجم في وحدة الزمن hr / mg C / m 3
أو g C /
m 2 / yr . وتعرف الكمية الكلية من المادة العضوية
المتكونة بالإنتاج الأولي الكلي Gross Primary Production .
و تعرف الكمية الكلية من المادة العضوية المتكونة مطروحا منها كمية المادة العضوية
المستهلكة أثناء عملية التنفس بالإنتاج الأولي الصافي Net Primary Production.
قياس الإنتاج الأولي Measuring Primary Production
يمكن قياس الإنتاج الأولي بطرق مباشرة و غير مباشرة. ومن الطرق المباشرة و
الشائعة في قياس الإنتاج الأولي طريقة الأكسجين method O 2 و طريقة الكربون المشع method .C14
ومن الطرق الغير مباشرة قياس المحصول القائم Standing Crop ( عدد أو وزن ) للنباتات
البحرية أو قياس كمية كلوروفيل ا Chlorophyll a .
كما تستخدم الأقمار الصناعية في قياس و
تحديد كمية الإنتاج الأولي في البحار و المحيطات.
العوامل المؤثرة على إنتاجية النباتات Factors controlling plant
production
تتوقف هذه العملية على عدة عوامل
أهمها الضوء و الأملاح المغذية و درجة الحرارة و الملوحة و الرعي. في العروض
الوسطى و العليا تقل الإنتاجية في فصل الشتاء نتيجة لقلة شدة الضوء الساقط على سطح
البحر. و في فصل الربيع تكون الإنتاجية عالية نتيجة لوفرة الضوء و الأملاح المغذية
معا. كما أن الإنتاجية الأولية تقل كثيرا في الأعماق الكبيرة من المحيط. و يعرف
العمق الذي يتساوى فيه كمية الأكسجين الناتجة أثناء عملية البناء الضوئي مع كمية
الأكسجين المستهلكة أثناء عملية التنفس بعمق التعويض. أي العمق الذي تكون شدة
الضوء أعلاه مناسبة لنمو النباتات البحرية. و يعتمد هذا العمق على شفافية المياه و
مدى شدة و نفاذية الضوء الساقط على سطح البحر. يتوقف الإنتاج الأولي أيضا على وفرة
الأملاح المغذية و معدل إعادتها للمياه السطحية Euphotic Zone . ولذا فأن الإنتاجية
الأولية تكون كبيرة نسبيا في المياه الساحلية
و مناطق الانبثاق الرأسي Upwelling . من العوامل الأخرى الهامة درجة الحرارة و
الملوحة و التي قد يكون لها أثر مباشر أو غير مباشر عن طريق خلق تغيرات في كثافة و
حركة المياه و التيارات البحرية الأفقية و الرأسية. الرعي أيضا عامل هام نظرا لان
الرعي الكثيف يؤدي إلى نقص المحصول القائم مما يؤدي لقلة الإنتاجية الأولية.
السلسلة الغذائية و مستويات الغذاء في البحر Food chain & trophic
levels
تمثل النباتات في البيئة البحرية المنتجون الأولون و
تمثل الحيوانات البحرية المستهلكون و البكتيريا و بعض الفطريات المحللون. حيث
تتغذى الحيوانات البحرية نباتية التغذية على النباتات البحرية و تتغذى الحيوانات
البحرية اللاحمة على الحيوانات نباتية التغذية و هي تؤكل بدورها بواسطة حيوانات
لاحمة أخرى أكبر حجما و هكذا. و تقوم البكتيريا بتحليل أجسام النباتات و الحيوانات
الميتة و كذا مخلفات الأحياء البحرية و تحولها إلى أملاح غير عضوية بسيطة تمتصها
النباتات البحرية مرة أخرى لتعيد الدورة من جديد. و هكذا فأن الأحياء البحرية
تعتمد على بعضها البعض في عملية إنتاج و انسياب الطاقة و الغذاء مكونة ما يعرف
بسلسلة الغذاء Food Chain . و تمثل كل مجموعة متجانسة من الأحياء البحرية
مستوى غذائي محدد في هذه السلسلة. حيث تكون النباتات المستوى الغذائي الأول و
الحيوانات العشبية المستوى الغذائي الثاني و الحيوانات أكلة الحيوانات العشبية
المستوى الغذائي الثالث و هكذا. و نظرا لأن الكثير من الأحياء البحرية تعتمد على
أكثر من مصدر و احد في الحصول على غذائها فأن سلاسل الغذاء تكون متداخلة و أكثر
تعقيدا مكونة ما يعرف بشبكة الغذاء Food web .
دور البكتيريا في البيئة البحرية Role of bacteria in the marine
environment
هذه الكائنات المتناهية الصغر تلعب دورا رئيسيا في سلسلة
الغذاء في البحر حيث تقوم بتحليل أجسام الأحياء البحرية الميتة و كذا مخلفات
الأحياء البحرية وتحولها إلى أملاح غير عضوية بسيطة تستخدمها النباتات لتكوين
الغذاء الضروري لها ولباقي الأحياء البحرية. بالإضافة إلى ذلك فان البكتيريا نفسها
تعتبر مصدر هام للبروتين لبعض الحيوانات المرشحة Filter feeders و بعض الأحياء الأخرى التي تتغذى على المواد
الدبالية Detritus
feeders . تقوم بعض أنواع البكتيريا في البيئات اللاهوائية Anaerobic environments
بتثبيت ثاني أكسيد الكربون و تكوين مادة عضوية
جديدة فيما يعرف بالتحليق الكيميائي. كما تعتمد كيمياء الرواسب البحرية بشكل كبير
على الأنشطة البكتيرية. حيث تؤدي هذه الأنشطة لتكوين غاز H2S أو FeS كبريتيد الحديد الذي يتميز بلونه الأسود في
الرواسب التحت سطحية في البيئات اللاهوائية. التحلل البكتيري للمادة العضوية يؤدي
لتكوين الفوسفات PO43- مما يؤدي لتكوين وترسيب فوسفات الكالسيوم و فوسفات الحديد في الرواسب. الأنشطة و
العمليات البيولوجية البكتيرية تؤثر في توزيع و تركيز الأكسجين الذائب و العناصر
المغذية مثل النترات في ماء البحر. بعض البكتيريا غير ذاتية التغذية Heterotrophic Bacteria تلتصق بعقد المنجنيز في قاع البحر وتؤدي الأنزيمات التي تفرزها
هذه البكتيريا إلى سرعة أكسدة و ترسيب المنجنيز. تقوم البكتيريا أيضا بتكسير
الكثير من المواد العضوية المقاومة للتحلل و تجعلها متوفرة للأحياء التي تتغذى على
الرواسب القاعية Deposit .feeders
التنوع الحيوي في البحار Biodiversity in the seas
شكل وتكوين المجتمع الحياتي البحري Marine Community يعتمد أساسا على الظروف البيئية السائدة في المنطقة مثل وفرة
الغذاء و الحيز المتاح للحياة و الضوء ودرجة الحرارة و الملوحة و غيرها و مدى ثبات
أو تغير هذه الظروف. ثبات و استقرارية الظروف البيئة Environmental Stability يؤدي لتطور مجتمع حياتي يمتاز بتنوع حيوي كبيرHighly divers
community حيث تتواجد معا أعداد كبيرة من أنواع النباتات و
الحيوانات البحرية, فعلى سبيل المثال فأن المياه الشاطئية المستقرة في المناطق
الاستوائية الحارة تتميز بكثرة عدد
الأنواع و ارتفاع التنوع الحيوي فيها كما
هو الحال في بيئات الشعاب المرجانية Coral reef ecosystems
حيث تتواجد الآف الأنواع من الأحياء البحرية المختلفة. بينما في منطقة تكسر
الأمواج Surf
zone و المناطق الشاطئية التي تتميز بحركة مياه شديدة
نتيجة لفعل الأمواج و انخفاض شفافية
المياه نتيجة لإثارة الرواسب القاعية و استمرارية حركتها في المياه تتميز هذه
المناطق بقلة عدد الأنواع و انخفاض التنوع
الحيوي فيها. و بشكل عام فأن التنوع الحيوي يكون كبيرا في العروض الدنيا و ذلك
نظرا لثبات و استقرارية الظروف البيئة فيها
و انعدام أو قلة التغيرات اليومية و الفصلية و لكنها تتميز بقلة عدد الأفراد.
بينما تتميز العروض العليا بانخفاض التنوع الحيوي و ذلك نظرا لعدم استقراريتها و
حدوث مدى واسع من التغيرات البيئية اليومية و الفصلية و لكنها تتميز بارتفاع عدد
الأفراد لكل نوع فيها.
التنوع الحيوي يمكن قياسه
باستخدام:
معامل شانون- ويفر Shannon - Weaver index of general diversity
H = - Σ (ni / N) loge (ni
/ N)
تعتمد وفرة الأحياء البحرية (عدد الأفراد ) Abundance على إنتاجية المياه
السطحية و عمق المياه البحرية. حيث تزداد وفرتها على الرصيف القاري و في مناطق
الانبثاق الرأسي Upwelling . وتقل وفرة الأحياء البحرية بزيادة العمق و بعد
المسافة عن اليابسة.
علوم بحار كيميائية Chemical Oceanography
الغازات الذائبة في ماء البحر The dissolved gases in sea water
الغازات المكونة
للهواء الجوي يمكن تقسيمها إلى مكونات غير متغيرة مثل الأوكسجين والنيتروجين
والارجون ومكونات متغيرة مثل بخار الماء والغازات التي تنتج على الأقل جزئيا بفعل
الأنشطة الإنسانية مثل ثاني أكسيد النيتروجين وأول أكسيد الكربون و الامونيا. تتم
عملية التبادل الغازي بين الهواء الجوي والمياه السطحية للبحار والمحيطات مما ينتج
عنه بأن تصبح المياه السطحية في حالة اتزان أو بالقرب من حالة الاتزان بالنسبة
لهذه الغازات. عملية توزيع الغازات الذائبة في مياه البحار والمحيطات ككل تتم
بواسطة التيارات البحرية الرأسية والأفقية أثناء الدورة المائية للمحيطات. بعض
الغازات الذائبة في ماء البحر لا يتأثر تركيزها بواسطة الأنشطة البيولوجية بينما
يتأثر تركيز غازات أخرى مثل الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون بواسطة العمليات
البيولوجية.
تتوقف ذائبية الغازات
في ماء البحر على درجة الحرارة والملوحة والضغط. حيث تزيد الذائبية بزيادة الضغط
وتقل بزيادة درجة الحرارة وزيادة الملوحة.
- العوامل
المؤثرة على تركيز الغازات الذائبة في ماء البحر:
في المياه السطحية
للبحار تكون تراكيز الغازات الذائبة عند أو بالقرب من حالة التشبع. وتتوقف تراكيز
الغازات الذائبة في أي مكان في البحر على تلك العوامل المؤثرة في ذائبيتها وأهمها
درجة الحرارة والملوحة والضغط. كما تتأثر تراكيز الغازات الذائبة بحالة المياه
السطحية حيث تؤدي اضطرابات المياه السطحية بفعل الرياح القوية إلى تكون فقاعات
تؤدي لزيادة تراكيز الغازات الذائبة في المياه التحت سطحية الغير مشبعة. كما تؤثر
الأنشطة البيولوجية في تراكيز الغازات الذائبة. فعمليتي البناء الضوئي والتنفس على
سبيل المثال هي المسببات الرئيسية للتغيرات في تراكيز غازي الأوكسجين وثاني أكسيد
الكربون الذائبين في ماء البحر.
- توزيع غاز
الأوكسجين الذائب في ماء البحر:
في الطبقة السطحية من
المحيطات والممتدة من السطح وحتى الحد العلوي للمنحدر الحراريThermocline يكون تركيز الأوكسجين الذائب مرتفعا نتيجة
لعملية التبادل الغازي مع الهواء الجوي وكذلك نتيجة لتواجد الهائمات النباتية التي
تطلق غاز الـ O2
أثناء عملية البناء الضوئي. كما أن تركيز غاز الأوكسجين الذائب يكون متجانسا في
هذه الطبقة نتيجة لعمليات المزج الرأسي بفعل الأمواج والتيارات البحرية.
أسفل الطبقة السطحية
ينخفض تركيز غاز الأوكسجين الذائب بزيادة العمق نتيجة لاستهلاكه في عمليات تنفس
الأحياء البحرية وأكسدة المواد العضوية بفعل البكتيريا (عمليات التحلل البكتيري)
حتى يصل أدنى تركيز له عند عمق معين Minimum
oxygen layer
أسفل هذا العمق يزداد التركيز تدريجيا وذلك لان المياه العميقة للمحيطات
مصدرها المياه السطحية في العروض العليا والتي ترتفع كثافتها نتيجة للبرودة
الشديدة مما يؤدي لهبوطها وانسيابها بشكل تيارات بحرية في أعماق المحيطات.
التوزيع الأفقي لتركيز غاز الأوكسجين الذائب في مياه المحيطات يتوقف على
حركة التيارات البحرية و دورة المياه المحيطية. ففي الأجزاء الشرقية من المحيطات
في المناطق شبه الحارة Subtropical regions يكون تركيز الأوكسجين الذائب منخفضا في المياه
السطحية نتيجة لحدوث ظاهرة الانبثاق الرأسي Upwelling وبطء دورة المياه السطحية.
يختلف غاز ثاني أكسيد الكربون عن غاز الأوكسجين في كونه يتفاعل مع الماء
وفقا للمعادلات التالية:
CO2 (g) + H2O
↔ CO2 (s) + H2O
CO2 (s) + H2O
↔ H2CO3
H2CO3
↔ HCO3¯ + H+
HCO3¯
↔ CO32¯ + H+
ويتأثر الاتزان بين الصور المختلفة لغاز ثاني أكسيد الكربون في ماء البحر
بعدة عوامل أهمها الـ pH ودرجة الحرارة والضغط. ففي المدى الطبيعي للـ pH في ماء البحر (7.6 – 8.3) فان معظم CO2 يكون على شكل ايونات بيكربونات (98%) وبزيادة الـ pH تتكون الكربونات HCO3¯ ↔ CO32¯
+ H+ وبانخفاض الـ pH
فان الاتزان يتجه بحيث ينخفض تركيز البيكربونات HCO3¯+H+↔H2O+
CO2 وتؤثر عملية البناء الضوئي
على تركيز CO2 في ماء البحر ففي أثناء النهار وفي وجود الضوء تقوم النباتات
بامتصاص CO2 من الوسط المائي وبذلك يرتفع الـ pH
وفي حالات الازدهار النباتي تتحول البيكربونات لتعطي CO2 ((2HCO3 ↔ CO2
+ CO32¯ + H2O
ويتكون ايون الكربونات الذي يتفاعل مع ايونات الكالسيوم وتترسب كربونات الكالسيوم
في وجود قيم مرتفعة للـ pH . وفي أثناء الليل يزداد تركيز CO2 نتيجة للتنفس وتوقف عملية البناء الضوئي فينخفض الـ pH.
يتأثر الاتزان بين صور ثاني أكسيد الكربون في الماء بدرجة الحرارة حيث
ينخفض الـ pH بزيادة درجة الحرارة طبقا للعلاقة pHt2 = pHt1
+ x (t2 − t1) حيث pHt2
وpHt1 هي قيم الـ pH عند درجة
حرارة t2 وt1
وx مقدار ثابت يعادل في المتوسط
0.001 ± 0.0111 وحدة pH لكل درجة مئوية واحدة وذلك في مدى
ملوحة 10 – 40 ‰ ودرجة حرارة 1 – 30 درجة مئوية وفي مدى pH
7.5 – 8.4.
ينخفض الـ pH مع زيادة الضغط في العمود المائي
أي بزيادة العمق. إن ترسيب وذوبان كربونات الكالسيوم يعتبر من الظواهر الهامة في
البيئة المائية سواء من الناحية الكيميائية أو البيولوجية فعلاوة على أن كربونات
الكالسيوم ترتبط بنظام CO2 في
البيئة المائية فإنها تكون الهياكل الصلبة للكثير من الأحياء البحرية. وتعتمد درجة
ذوبان وترسب كربونات الكالسيوم على عدة عوامل أهمها تشبع الوسط بالكربونات وهذا
يعتمد على درجة الحرارة والضغط (العمق) كما يتوقف على نوع الكربونات سواء كانت
كربونات الكالسيوم على صورة كالسيت أو أراجونيت الذي له نفس القانون الكيميائي
للكالسيت ولكنه يختلف عنه في التركيب البلوري ويعتبر اقل ثباتا تحت الظروف
المحيطية.
وتعتبر المياه السطحية للمحيطات مشبعة أو فوق مشبعة بالنسبة لكربونات
الكالسيوم ولذلك فان الأحياء التي تكون هياكل كلسيه تستطيع استخدام أي شكل من
الوسط سواء كان كالسيت أو أراجونيت وقد وجد أن معظم هذه الأحياء تستخدم الكالسيت
في تكوين هياكلها الكلسية بإلاضافة إلى بعض منها مثل حيوانات الـ Pteropods من الرخويات ترسب الاراجونيت.
وتقل درجة تشبع المياه المحيطية بكربونات الكالسيوم بزيادة العمق نظرا
لزيادة تركيز غاز CO2 الذائب
وانخفاض درجة الحرارة وانخفاض الـ pH. ويختلف
تركيز التشبع لكل من الكالسيت و الاراجونيت كما يتضح من الجدول التالي
درجة الحرارة
(مئوية)
|
الضغط (جوي)
|
كالسيت
|
أراجونيت
|
24
|
1
|
53
|
90
|
2
|
1
|
72
|
110
|
2
|
250
|
97
|
144
|
2
|
500
|
130
|
190
|
·
تركيز الكربونات عند التشبع (x
10-6 مول / لتر)
ومن هذا الجدول يتضح أن:
- يزداد ذوبان كربونات الكالسيوم في المياه الباردة عن المياه الحارة وهي
خاصية عكس ما يحدث في معظم الأملاح.
- يزداد ذوبان كربونات الكالسيوم بزيادة الضغط أي بزيادة العمق وأسفل
الثرموكلين الدائم حيث لا تتغير درجة الحرارة كثيرا مع العمق فان ذوبان كربونات
الكالسيوم يتأثر بالعمق أي يتناسب طرديا مع العمق (الضغط).
وكنتيجة لهذه الخصائص فان الهياكل الكلسية لأحياء البلانكتون والأحياء
البلاجية الهابطة نحو القاع تبدأ في الذوبان تدريجيا مع زيادة العمق وأسفل عمق
التعويض لا توجد الهياكل الصلبة في الرواسب القاعية إلا تحت ظروف خاصة.
* عمق التعويض للكربونات Carbonate compensation depth:
يسمى العمق الذي يكون عنده معدل ذوبان كربونات الكالسيوم معادلا أو يزيد عن معدل
هبوط أو إمداد البقايا الكلسية الهيكلية بعمق التعويض للكربونات. ويختلف هذا العمق
للكالسيت عن الاراجونيت كما يختلف هذا العمق باختلاف المحيطات وهو للكالسيت اكبر
عمقا من الاراجونيت ويتراوح عمق التعويض بالنسبة للكالسيت بين 4500 متر في المحيط
الأطلسي و 3000 متر في المحيط الهادئ تقريبا وبالنسبة للاراجونيت يتراوح عمق
التعويض بين 2500 متر في المحيط الأطلسي تقريبا ونحو 500 متر في المحيط الهادئ أي
أن عمق التعويض في كلا المحيطين أقل بالنسبة للاراجونيت نظرا لأنه أقل ثباتا من
الناحية الكيميائية ولذلك فهو سريع الذوبان وبالنسبة للنوعين يزداد عمق التعويض في
المحيط الأطلسي عن المحيط الهادئ وربما يرجع ذلك لزيادة تركيز CO2 الذائب في المياه العميقة في المحيط الهادئ عن المحيط الأطلسي.
العناصر المغذية Micronutrient Elements
من بين حوالي 90 عنصرا توجد بصورة طبيعية في الكرة الأرضية تحتاج الكائنات
الحية إلى نحو 30 – 40 عنصرا منها وبعض هذه العناصر تحتاجها الكائنات الحية بكميات
كبيرة مثل الكربون والهيدروجين والأوكسجين والنيتروجين والتي تشكل معا نحو 97 % من
المادة الحية والبعض الآخر من العناصر بالرغم من أنها هامة جدا أو ضرورية للحياة
إلا أن الكائنات الحية تحتاج لكميات قليلة جدا منها ومن أمثلتها الفوسفور والكبريت
والكالسيوم والمغنسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والكلور والمنجنيز والكوبالت والحديد
واليود والفلور والبورون والزنك والسليكون والنحاس والمولبيدنيوم. وفي النظام
البيئي بمكوناته الحية وغير الحية تميل ذرات هذه العناصر لأن تستخدم بصورة دورية
ولا نهائية من خلال انسيابها من الكائنات الحية إلى الوسط الذي تعيش فيه هذه
الكائنات ثم العودة ثانية إلى الكائنات الحية وذلك على هيئة دورات بدرجات متفاوتة
من الكمال وفي هذه الدورات فان العناصر لا تتوزع بصورة متجانسة كما لا تتواجد على
نفس الصورة الكيميائية أو على صورة كيميائية واحدة في النظام البيئي وتسمى هذه
الدورات بالدورات البيوجيوكيميائية .Biogeochemical
cycles ومن بين العناصر الضرورية للنمو
تعتبر العناصر الستة الآتية أهمها وتسمى بالعناصر المغذية Nutrient elements وهي الهيدروجين والأوكسجين والكربون والنيتروجين والفوسفور
والسليكون والعناصر الثلاثة الأولى متوفرة بدرجة كافية في الغلاف الهوائي والوسط
المائي في الظروف العادية. وتعتبر أملاح النيتروجين والفوسفور أهم الأملاح المغذية
لجميع الكائنات أما السليكون فيدخل في تركيب هياكل الدياتومات والشعاعيات
والسليكوفلاجيلات.
* يعتبر النيتروجين من أهم العناصر المغذية حيث يدخل في تركيب الكلوروفيل
والبروتينات والإنزيمات والأحماض النووية والمواد الوراثية والعديد من المركبات
الضرورية للحياة. ويوجد النيتروجين في المحيطات في صور مختلفة من الأملاح الغير
عضوية مثل النترات والنتريت والامونيا إلى جانب بعض مركبات النيتروجين العضوية مثل
الأحماض الامينية واليوريا والجليسين وغيرها. ويبلغ المدى العادي لهذه المركبات في
مياه المحيطات في الحدود الآتية: النترات 0.01 – 50 ميكرومول/ لتر والنتريت 10.0 – 5 ميكرومول/ لتر
والامونيا 0.1 – 5 ميكرومول/ لتر واليوريا 0.1 – 5 ميكرومول/ لتر والأحماض الامينية0.2 - 2
ميكرومول/ لتر. ومعظم النباتات المائية تستطيع استخدام الصور المختلفة للنيتروجين
الغير عضوي الذائب في الماء إلا أن النترات والامونيا خصوصا الامونيا تفضل في
الامتصاص بالنسبة لمعظم الطحالب وكثير من الهائمات النباتية يستعمل اليوريا أما الأحماض
الامينية فغالبا ما تستخدم كمصدر للنيتروجين بواسطة الهائمات النباتية عندما تنعدم
الأملاح الغير عضوية للنيتروجين أو ينخفض تركيزها في الوسط إلى درجة معينة. كما
تقوم بعض الطحالب الزرقاء المخضرة بتثبيت النيتروجين الجزيئي وتحويله إلى مركبات
عضوية.
* الفوسفور من العناصر الهامة حيث أنه العنصر الرئيسي الذي تتم بواسطته
عمليات انتقال الطاقة في الأحياء بإلاضافة إلى كونه يدخل في تركيب البروتوبلازم
والأغشية الخلوية والعظام والأسنان وغيرها لذا فانه من العناصر المغذية الضرورية
للأحياء البحرية. يوجد الفوسفور في مياه البحار في عدة صور ذائبة (عضوية وغير
عضوية) إلى جانب الصور الغير ذائبة (عضوية وغير عضوية). وبالنسبة للصور الغير
عضوية يوجد الفوسفور على شكل أرثوفوسفات HPO42- (87%) و PO43-
(12%) و H2PO4- (1%). كما توجد أيونات المركبات عديدة الفوسفات في مياه مصبات
الأنهار والمياه الشاطئية نتيجة للتلوث بالمنظفات. كما يوجد الفوسفور ذائبا في عدة
صور من المركبات العضوية في المياه السطحية وهي غالبا عبارة عن نواتج التحلل
العضوي ونواتج عمليات الإخراج للأحياء البحرية.
* السليكون ضروري لبناء هياكل الدياتومات والشعاعيات والسليكوفلاجيلات وهو
يتواجد في مياه البحار في صور متعددة ذائبة وغير ذائبة عضوية وغير عضوية. يوجد
السليكون ذائبا في مياه البحار في صورة حامض الارثوسليسيك Si(OH)4 ويعتقد أن نحو 5% من هذا الحامض توجد بصورة متأينة في ظروف المياه
المحيطية عند .pH 8.2
وتصل السيليكات الذائبة إلى البحر عن طريق الأنهار وعوامل التعرية الجليدية للصخور
في القارة القطبية الجنوبية.
تتوقف ميزانية العناصر المغذية في البحار والمحيطات على العوامل الآتية:
1- مصادر الدخل:
- الصرف الأرضي
- عوامل التعرية للصخور والتربة
- التحلل البكتيري للمواد العضوية
- البراكين
2- مصادر الإزاحة والاستهلاك:
- الكائنات الحية النباتية والحيوانية
- الترسيب
- استنزاف الثروات الحية من البحر بما تحتويه من المكونات العنصرية الهامة
توزيع الأملاح
المغذية في مياه البحار Distribution of nutrient salts in the sea
waters
تتواجد الأملاح المغذية في ماء البحر في صور ذائبة متعددة ويتميز جميعها
بتركيزات منخفضة ونتيجة لأن هذه الأملاح تستهلك بواسطة الكائنات الحية وأهمها
النباتات المائية التي تتواجد في المنطقة المضاءة لذلك نجد أن تركيزات هذه الأملاح
في الطبقة السطحية من المحيطات تكون منخفضة في غالب الأحيان نظرا للاستنزاف
المستمر لها بواسطة النباتات كما يتناسب تركيزها بصفة عامة عكسيا مع وفرة هذه
النباتات في موسم ازدهارها إلا في حالات خاصة عندما يكون معدل تعويض هذه الأملاح
من المصادر المختلفة مرتفعا بدرجة تعوض الكميات المستهلكة. كما تتعرض تركيزات هذه
الأملاح في الطبقات السطحية إلى تغيرات موسمية وجغرافية ففي المناطق المعتلة
والعروض المتوسطة عموما تزيد تركيزات هذه الأملاح في الطبقة السطحية في فصل الشتاء
بفعل تيارات الكثافة أو تيارات الحمل بالإضافة إلى انخفاض معدل استهلاكها في نفس
الوقت نظرا لانخفاض درجة الحرارة وانخفاض شدة الضوء الساقط على سطح البحر. ومع
بداية فصل الربيع يزداد نشاط النباتات البحرية ويتزايد استهلاك الأملاح المغذية
حتى تكاد تنعدم في نهاية هذا الفصل. وأحيانا يزداد تركيزها قليلا في نهاية فصل
الصيف وبداية فصل الخريف ثم ينخفض في فترة الازدهار الخريفي. وتكون تركيزات
الأملاح المغذية منخفضة في المناطق الاستوائية مقارنة بالمناطق الباردة. كما أن
تركيزات الأملاح المغذية تكون مرتفعة في المياه الساحلية ومناطق الانبثاق الرأسي
مقارنة بالمياه المحيطية البعيدة عن اليابسة.
أسفل الطبقة السطحية المضاءة ترتفع تركيزات الأملاح المغذية نتيجة لغياب
النباتات البحرية وحدوث عمليات التحلل البكتيري للمواد العضوية. وتحدث عمليات
التحلل البكتيري للكائنات البحرية بعد موتها على القاع في منطقة الرصيف القاري
والمناطق الضحلة أما في المناطق العميقة من المحيطات فغالبا ما تحدث عمليات التحلل
في المياه المتوسطة عند أعماق 600 - 1200 متر حيث يتوقف العمق على درجة الحرارة.
ونتيجة لعمليات التحلل البكتيري (الأكسدة) ينخفض تركيز الأوكسجين في هذه الطبقة
وتسمى طبقة أدنى تركيز للأوكسجين Layer of minimum oxygen concentration وتتميز هذه الطبقة بتركيزات مرتفعة للأملاح الغير عضوية (المغذية)
للنيتروجين والفوسفور. وفي البحر الاحمر توجد طبقة أدنى تركيز للأوكسجين عند أعماق
300 – 700 متر نظرا لارتفاع درجة الحرارة وينخفض عندها تركيز الأوكسجين إلى أدنى
ما يمكن في العمود المائي (0.5 - 1.75 ملليلتر/ لتر).
وتعود الأملاح المغذية الناتجة من عمليات التحلل البكتيري سواء على القاع
أو في المياه المتوسطة إلى السطح حيث تكون متاحة للنباتات البحرية في المنطقة
المضاءة بعدة طرق أهمها:
1- عملية الانبثاق الرأسي .Upwelling
2- التيارات المحلية والتيارات العكرة .Local
and turbulent currents
3- الانتشار .Diffusion
4- تيارات الكثافة .Density
currents
الله يوفقنا جميعا
RépondreSupprimerربنا يجزيك الخير ويجعله في ميزان حسناتك امين
RépondreSupprimerمفيدة جدا
RépondreSupprimer