نبذة مختصرة عن علم الكيمياء
تعريف علم الكيمياء:
كما تعرف أن علم الكيمياء يتعامل بشكل عام مع المواد ، والتي تتكون من عناصر ومركبات ، كل مادة من هذة المواد لها تركيب وخواص وتفاعلات وتحولات مميزة ، هذة التفاعلات تكون مصحوبة بطاقة سواء أكانت هذة الطاقة مطلوبة لحدوث التفاعل او كانت ناتجة من التفاعل ، إذاً نستنتج مما سبق أن...
"علم الكيمياء" هو : علم يهتم بدراسة تركيب المادة والتغيرات التي تحدث لها والطاقة المصاحبة لهذه التغيرات.
أهمية علم الكيمياء:
يدخل علم الكيمياء في جميع نشاطات الكائنات الحية ويسهم بشكل كبير في كل مجالات الحياة ، فبواسطة علم الكيمياء تم تحويل المواد الطبيعية الخام إلى مواد تلبي احتياجات الإنسان ، فاستطاع الكيميائي أن ينتج من الفحم والنفط بعض المواد الجديدة كالأصباغ والعقاقير والعطور واللدائن (البلاستيك) والمطاط الصناعي .
ايضاً ساهمت الكيمياء بشكل كبير في المجال الزراعي بواسطة الأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية ، كما أمكن بواسطة علم الكيمياء إنتاج الألياف الصناعية التي من خلالها تم تطوير صناعة المنسوجات ومجال الكساء ، وغير ذلك من المجالات الكثيرة التي ان حاولنا التطرق لذكرها فسوف نضطر الى إعداد مقالات متعددة كسلسلة متكاملة لما يساهم به علم الكيمياء .
طبيعة علم الكيمياء والطريقة العلمية لتفكير الكيميائي
الكيميائي يلاحظ الأشياء بدقة فيحاول أن يطرح عدة تساؤلات منطقية حول مايلاحظ ثم يحاول وضع فرضيات كإجابة أولية عن تلك التساؤلات مثل : ما سبب الطعم الحلو للسكر ؛ لماذا وكيف يصدأ الحديد؟ معتمداً في طرح الفرضيات على مرجعيات كيميائية بالإضافة الى المعرفة التي يمتلكها في هذا العلم وما قد سبق له ان تعلم وبحث ؛ هنا يكون قد لاحظ ذلك الشي فتطرق لللبحث عن فرضيات منطقية أو اجوبة لهذه الملاحظات والتساؤلات ، ولابد للكيميائي كي يجيب على تلك التساؤلات والوصول الى الفرضيات الصحيحة والأجوبة المنطقية أن يعتمد على التجربة ؛ فـ علم الكيمياء هو أكثر العلوم اعتماداً على التجربة والتطبيق... لماذا ؟
وذلك لسببين رئيسيين:
- أولهما هو أن الكيميائي يتعامل مع موجودات لايراها ولا يستطيع إحصاءها مثل "الذرات والجزيئات" .
- ثانيهما هو أن القوانين العامة في الكيمياء قابلة للتغير أو التعديل .
فـ عند قيام الكيميائي بالتجربة تتم عملية تدوين "المعلومات والنتائج" التي شاهدها اثناء التجربة أو توصّل إليها من خلال تلك التجربة ، بعد ذلك يبدأ بتفسير ما تمت مشاهدة وتفسير تلك المعلومات والنتائج بوضع "الفرضيات" ، وهنا يجب ان نوضح ما المقصود " بالفرضية "
- الفرضية هي فكرة تنبع من خيال العالم الكيميائي ترتبط بالحقائق والوقائع التي جرت حولها الملاحظات والتجارب.
والآن نستطيع ترتيب الخطوات العلمية في التفكير كما يلي :
1- الملاحظة. 2- التجريب. 3- تدوين المعلومات. 4- وضع التفسير المناسب. 5- النشر.
ماهي المراحل التي مر بها علم الكيمياء ؟
نستطيع تقسيم المراحل التي مر بها علم الكيمياء كما يلي:
1 - مرحلة علم الصنعة : والتي ظهرت فيها خرافة تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن ثمينة .
2 - مرحلة الكيمياء التي اتجهت إلى الطب : ففي هذه المرحلة تم تحضير العقاقير لشفاء المرضى وقد برز العلماء العرب في ذلك من مثل جابر بن حيان وابن سينا والرازي .
3 - مرحلة نظرية فلوجستون : التي بدأت في النصف الثاني من القرن السابع عشر والتي تقول أن الفلوجستون عنصر يساعد المادة على الإشتعال ويتحد معها مكوناً أكسيد المادة وأسموه "كالكس" (معدن + فلوجستون ----> كالكس) ، وقد بقيت النظرية سائدة حتى أتى العالم الفرنسي لافوازٍيه عام 1778م وأثبت خطأ هذه النظرية عندما سخن الزئبق وبرهن أن عملية الإحتراق عبارة عن اتحاد أكسجين الهواء بالمادة (وهي عملية التأكسد) وليس كما قالت نظرية فلوجستون.
4 - المرحلة الرابعة والأخيرة هي علم الكيمياء الحديثة التي بدأت في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي.
دور العلماء المسلمين في تطوير علم الكيمياء
سنتطرق هنا للحديث عن "جابر بن حيان - أبو الكيمياء"
هو جابر بن حيان بن عبدالله ، ولد في عام 102 هجرية (720 ميلادية) وذلك في قرية طوس في الشمال الشرقي من إيران والتي تبعد 28 كيلومتراً عن مدينة مشهد ، وكان أبوه يعيش قبل رحيله إلى طوس في مدينة طرطوس السورية حيث كان يعمل عطاراً .
عكف جابر على دراسة علوم الطبيعيات والرياضيات ، ثم رحل إلى الكوفة حيث التقى بالإمام جعفر الصادق الذي كان عالماً في الكيمياء والدين أيضاً والذي حدثه عن علم الكيمياء عند اليونان والمصريين والفرس والهنود والصينيين .
أنشأ لنفسه معملاً في بيته بالكوفة اختبر فيه بنفسه كل ماقاله القدماء من تجارب الكيمياء ليعرف مدى صحتها ، وكلما وجد نفسه بحاجة إلى جهاز جديد أو آله ، صنع مايحتاجه بيديه حيث كان بالمعمل بيت للنار ، وفي ليلة واحدة سجل جابر أول كشفين له هما الماء الملكي وماء الذهب المستخدم حتى يومنا هذا في طلاء الأوراق والأخشاب .
هو صاحب نظرية أن كل المواد القابلة للاحتراق والمعادن (الفلزات) القابلة للتأكسد تتكون من أصول زئبقية وكبريتية وملحية وهي نظرية الفلوجستون ولم يعرف العالم هذه النظرية إلا بعد جابر بألف عام ، ونظرية الإتحاد الكيميائي التي تقول بأن الاتحاد الكيميائي يحدث باتصال ذرات العناصر المتفاعلة بعضها مع بعض ، وهي النظرية التي قال بها (دالتون) بعد جابر بألف عام .
هو الذي حضر حجر الكي أو حجر جهنم (نترات الفضة) لكي الجروح والعضلات الفاسدة ومازال هذا الأمر معروفاً حتى اليوم ، وحضر مداداً مضيئاً من صدأ (بيريت) الحديد ينفع في كتابة المخطوطات الثمينة ورسائل الجيش لتقرأ في الليالي المظلمة ، وحضر طلاء يقي الثياب من البلل ، وآخر يقي الحديد من الصدأ وثالثاً يقي الخشب من الاحتراق وكانت هذه الطلاءات هي البداية لعلم البلمرات الآن .
اكتشف جابر الورق غير القابل للاحتراق لتكتب عليه الوثائق النفيسة والرسائل المهمة ، واكتشف بعد الماء الملكي وماء الذهب وماء الفضة وعنصر البوتاس وملح النشادر وكبريتيد الزئبق وحمض الكبريتيك وسلفيد الزئبق وأكسيد الزرنيخ وكربونات الرصاص وعنصر الانتيمون وعنصر الصوديوم ويوديد الزئبق وزيت الزاج النقي ، وكان قد اكتشف من قبل حمض النيتريك وحمض الهيدروكلوريك وتمكن بهما معاً من اكتشاف ماء الذهب .
أوجد جابر طرائق لتقطير الخل المركز (الأستيك أسيد) المعروف الآن باسم الخليك الثلجي وطرائق لصبغ القماش (علم الصباغة) ودباغة الجلود (علم الدباغة) وفصل الفضة عن الذهب بحمض النيتريك علم تركيز (تبخير وترشيح وتكثيف وتبلور وإذابة وتصعيد) وسبق العالم كله بأبحاثه في التكليس وإرجاع المعدن إلى أصله بواسطة الأكسجين. وابتكر آله لاستخراج الوزن النوعي للمعادن وللأحجار والسوائل والأجسام التي تذوب في الماء ، وتحدث عن السموم ورفع مضارها فوضع بذلك أساس علم السموم .
عاد إلى قريته طوس مع بدء نذر نكبة البرامكة وكان عمره تسعاً وثمانين سنة ، وهناك عكف على العمل والتجربة وتدوين الكتب الكبيرة والصغيرة وبلغ عدد أهمها 45 كتاباً من بينها كتب عن الأحجار والذهب والزئبق والحيوان والأرض ، وكتب في أصول صناعة الكيمياء مايحمل عناوين : التدابير ، البحث ، التركيب ، الأسرار ، التصريف ، الأصول ، التجميع ، وكتب 112 مقالاً في صناعة الكيمياء منها سبعون مقالاً شرح بها مذهبه في الكيمياء وهي خير ماكتب ، ومائة وأربعين مقالاً في علم الموازين
بعد خمسة قرون من وفاة جابر عن ثلاث وتسعين سنة (في قريته طوس) بدأ الأوروبيون يترجمون مجموعات من كتبه إلى اللاتينية عن اللغة العربية ومن أشهر هذه الكتب : الخالص ، الاستتمام ، الاستيفاء ، التكليس .
ويذكر هولميارد في كتابه (الكيمياء إلى عصر دالتون) أن ترجمة مؤلفات جابر إلى اللاتينية كانت عاملاً قوياً في إحياء الكيمياء في أوروبا ، ولم يحدث أن حظيت كتب بالشهرة والذيوع في العصور الوسطى مثلما حظيت به كتب جابر بن حيان ، فقد أصبحت كتبه أساساً لعلم الكيمياء في أوروبا إلى نهاية القرن الثامن عشر وبسبب أبحاثه الدقيقة الشامله استحق جابر لقب المؤسس الأول للكيمياء على قواعد علمية سليمة وأسس راسخة .
عزيزي الزائر، اكتب لنا تعليقك على الموضوع..