بعض النيوكليدات ، بحكم تكوين نواتها غير المستقر ، تصدر إشعاعات مشتركة حتى تصل الى الاستقرار ، سواء أكانت هذة النيوكليدات بحالتها النقية أو بشكل مركبـات كيميائية ، وبإمكان هذه الإشعاعات أن تحدث تأثيرات فيزيائية أو كيميائية ، مثل :
1 - تأين الغازات.
2 - إستضاءة.
3 - التأثير على الألواح الفوتوغرافية.
ومن خلال هذة التأثيرات يمكن اكتشاف هذة الإشعاعات كما يمكن قياس حدتها بإستخدام عدادات جيجر مولر على سبيل المثال ، أو عدادات تناسبية أو غرف تأبين أو غرف ولسون أو عدادات تدفق الفقاعات أو عدادات الومض أو أشرطة وألواح محسسة وتعرف هذه الظاهرة بالنشاط الإشعاعي.
وتعرف العناصر الكيميائية والنظائر كذا المركبات أو بصفة عامة المواد التي تظهر هذا النشاط تسمى "مشعة ".
أي ان اي عنصر كيميائي يظهر هذا النشاط السابق ذكرة فإنة يسمى "عنصر مشع" وكذلك بالنسبة للنظائر والمركبات او المواد بصفة عامة.
وكان من أوائل من أدرك النشاط الاشعاعي للعناصر هو العالم الألماني (كونراد روتنجن) الذي اكتشف الأشعة السينية عام 1895 م، وكان هو أول من استخدمها في تصوير يد بشرية ثم تبعه الفرنسي (هنري بيكريل) الذي اكتشف عن طريق الصدقة أن عنصر اليورانيوم ومركباته المختلفة تقوم تلقائياً بإرسال حزم من الأشعة غير المرئية شبيهه بمفعولها بأشعة روتنجن (الأشعة السينية) .
من هنا كانت بداية النشاط الاشعاعي:
في عام 1896 م، قرر العالم الفرنسي (هنري بيكريل) التحقق من وجود رابط بين الأشعة السينية والوميض الفوسفوري، والأخير يمثل خاصية طبيعية لبعض المواد التي تعطي ضوءً فوسفورياً في الظلام.
حاول بيكريل تعريض لوحات الصور الفوتوغرافية المصنعة باستخدام أملاح اليورانيوم للضوء الفوسفوري، مثلما فعل رونتجن مع الأشعة السينية، واعتقد بيكريل أنه يحتاج لضوء الشمس لاستكمال تجربته، ولكن السماء في ذلك الوقت كانت ملبدة بالغيوم، وبالتالي قام بتخزين المواد والأدوات التي يستخدمها انتظاراً ليوم آخر يكون مشمساً.
لكن حدث مالم يتوقعه بيكريل:
فقد دهش كثيراً عندما وجد أن لوحات التصوير الخاص به تعرضت فعلاً لأشعة ما رغم عدم وجود ضوء الشمس.
وبعد وضعه لنظريات حول السبب وراء وجود هذه الأشعة، وإجرائه بعض التجارب الخاصه بذلك، اكتشف أن الأشعة جاءت من أملاح اليورانيوم "في أول مثال على حدوث ظاهرة النشاط الإشعاعي للعناصر المشعة" ، بالتالي حاز بيكريل على جائزة نوبل للفيزياء عام 1903 م، لمجهوداته في الكشف عن ظاهرة النشاط الإشعاعي الطبيعية للمواد المشعة مناصفة مع كل من بيير، وماري كوري.
ماري كوري .. كانت أول من وضع نظرية النشاط الإشعاعي:
عالمة الفيزياء والكيمياء - بولندية المولد - وفرنسية الجنسية، وأول امرأة تحصل على جائزة نوبل، والمرأة الوحيدة في التاريخ التي تحصل على الجائزة مرتين وفي مجالين مختلفين، (في الفيزياء وفي الكيمياء) كما أنها أول امرأة تحصل على رتبة الأستاذية في جامعة باريس.
كانت كوري هي أول من وضع نظرية النشاط الإشعاعي، وإليها يعود مصطلح النشاط الإشعاعي ، واستطاعت أن تبتكر تقنيات لفصل النظائر المشعة، وتحت إشرافها أجريت أول دراسة لمعالجة الأورام السرطانية باستخدام النظائر المشعة.
في ذات الوقت الذي اكتشف فيه العالم الفرنسي بيكريل وجود ظاهرة إشعاعية غريبة، كان هو والمجتمع العلمي يعتقدون أنه نشاط إشعاعي مشابه للأشعة السينية، لكن مجهودات بيكريل اللاحقة، مع مساهمات إرنست رذرفورد، والزوجين كوري أظهرت نتائج مختلفه تماماً بشكل أكثر تعقيداً مما كانوا يتصورون.
كان رذرفورد هو أول من أدرك أن كل هذا الاضمحلال الذي يحدث للعناصر المختلفة، يجري وفقًا لنفس الصيغة الأسية الرياضية. وكان رذرفورد وتلميذه فردريك هما أول من أدرك أن العديد من عمليات التحلل تسفر عن تحويل عنصر إلى عنصر آخر جديد.
وفي وقت لاحق، تمت صياغة قانون النزوح الإشعاعي لفايانز وسودي، وهو القانون الذي وصف منتجات ألفا وبيتا الناتجة من التحلل الإشعاعي.
وبالعودة الى العالمة ماري كوري، ففي نفس عام زواجها الذي كان في 1895 م، اكتشف بيكريل أن المعادن التي تحتوي على اليورانيوم ينبعث منها إشعاع قوي، بالتالي أصبحت ماري مهتمة كثيراً بهذا الاكتشاف، فوجدت وسيلة لقياس الإشعاعات بصورة دقيقة. ولاحظت أنه كلما زادت كمية اليورانيوم الموجودة في المواد، كانت قوة إشعاعها أكبر.
كما وجدت ماري هذا النوع من الإشعاع أيضاً في المعادن التي تحتوي على عنصرالثوريوم. وأطلقت ماري على هذا النشاط الإشعاعي اسم "إشعاعي radio" مُشيرة إلى أن خام اليورانينيت (وهو خام معدني نشط إشعاعياً يتكون بشكل أساسي من ثاني أكسيد اليورانيوم، مع نسب من ثالث أكسيد اليورانيوم، وأكاسيد الثوريوم، والرصاص، والروديوم) ينبعث منه المزيد من النشاط الإشعاعي أكثر مما يقدمه اليورانيوم في صورته المعدنية. وذكرت أنها تعتقد في وجود عنصر آخر مشع للغاية في اليورانينيت.
وبعد المزيد من الأبحاث مع زوجها الذي أثارت الفكرة اهتمامه، اكتشف الزوجان في عام 1898 م، عنصرين جديدين هما: البولونيوم، والراديوم.
وسمي البولونيوم بهذا الاسم نسبة إلى بلدة ماري كوري الأصلية، كما أن الراديوم أصبح يستخدم الآن في الطب علاجًا للسرطان.
العناصر المشعة:
وتشمل: التكنيتيوم، البروميثيوم، البولونيوم، جميع العناصر ذات الرقم الذري الأعلى كالأسـتانين، الرادون، الفرنسوم، الراديوم، الأكتينيوم، التوريوم، البروتاكتنيوم، اليورانيوم، النبتونيوم، البلوتونيوم، الأريسيوم، الكلوريوم، البركليوم، الكالينورنيوم، الأينشتانيوم، الفيرميوم، المندلينيوم، النوبليوم، اللورنسيوم. "جميع هذة العناصر تصنف كعناصر مشعة"
تتكون جميع هذة العناصر من نظائر عديدة جميعها مشعة وعلى خلاف ذلك فإن هناك عناصر تتكون من مزيج من نظائر "مستقرة ومشعة" مثل البوتاسيوم والروبيدوم والساماريوم واللوتيتيوم والتى تتميز نظائرها المشعة بقلة مستوى إشعاعها، وبأنها تشكل نسبة منخفضة نسبيا في المزيج، لذا فإنها تعتبر ثابتة علميا وبالتالي لا تخضع لهذا البند.
ومن جهة أخرى، فإن هذه العناصر ذاتها (البوتاسيوم ، الروبيديوم ، الساماريوم ، واللوتيتيوم) إذا ما أصبحت غنية بنظائرها المشعة (بوتاسيوم K 40 ، روبيديوم Rb 87 ، ساماريوم Sm 147 ، لوتيتيوم Lu 176) فإنها تعتبر من النظائر المشعة الداخلة فى ضمن البند.
والعناصر التى لحقها مثل هذا التحول تسمى "نظائر مشعة إصطناعياً".
ويعرف منها حتى الآن حوالي خمسمائـة نظير ، مائتان منها تقريبا لها تطبيقات عملية ، فبخلاف نظائر اليورانيـوم 233 ونظائر البلوتونيوم ، التى سبق ذكرها نذكر أكثرها أهمية وهى الهيدروجين 3 (تريتيوم) ، الكربون 14، الصوديوم 24، الفوسفور 32، الكبريت 35، البوتاسيوم 42، الكالسيوم 45، الكروم 51، الحديد 59، الكوبالت 60، الكريبتون 85، الإسـتروتنيتوم 90، الأيتريوم 90، البلاديوم 109، اليود 131 و 132، الزينـون 133، السيزيوم 137، الثوليوم 170، الإيرديوم 192، الذهب 198، والبولونيوم 210.
إن العناصر الكيميائية المشعة والنظائر المشعة، تتحول ذاتيا بصورة طبيعية إلى عناصر أو إلى نظائر أكثر ثباتاً أو إستقراراً مع مرور الزمن من خلال التخلص من هذا الاشعاع بواسطة الانبعاثات ، ويختلف زمن انبعاث هذا الاشعاع للوصول الى الإستقرار من عنصر الى اخر او من نظير إلى اخر.
عمر النصف:
إن الفترة الزمنية اللازمة كي تتناقص كمية نظير مشع معينة إلى نصف ما كانت عليه فى البداية أو تناقص كمية إشعاع النظير للوصول الى نصف ما كان علية في البداية (الثبات والاستقرار) ، فإنها تسمى فترة التحول أو نصف حياة ذلك النظير "عمر النصف" ويرمز له بالرمز t1⁄2 ، وتدخل فى هذا البند العناصر الكيميائية والنظائر المشعة حتى ولو كانت مختلطة ببعضها أو بمركبات مشعة، أو بمواد غير مشعة.
عمر النصف رمزه (t1⁄2) لمادة نشيطة إشعاعيا هو مقدار الوقت اللازم للكمية ، لتنخفض إلى نصف قيمتها كما تم قياسها في بداية الفترة الزمنية لتحلل إشعاعي .
يتسم كل نظير مشع بنصف عمر مميز له ، ونجد أنواعا من النظائر المشعة لها عمر النصف يبلغ إلى ثوان أو ميلي ثانية أو أقل ، وأخرى لها عمر النصف يبلغ ألاف السنين ، وأخرى لها عمر النصف يبلغ حتى ملايين أو مليارات السنين.
تتبع معادلة التحلل الإشعاعي التحلل الأسي ، وتكون فترة عمر النصف هو الزمن اللازم لتحلل نصف كمية المادة، وذلك بصرف النظر عن كون العينة 1 جرام أو 1000 جرام، فهو زمن ثابت يميز النظير المشع مهما كانت كميته.
واذا افترضنا هنا انقضاء عمر النصف لنظير مشع معين، أي عند الزمن t1⁄2 نجد أن الجزء الباقي من المادة ولم يتحلل قد بلغ النصف ، وإذا زدنا وانتظرنا مدة تالية قدرها t1⁄2 من المادة المتبقية نجد أن كمية المادة التي لم تتحلل بعد مقدارها نصف عمر النصف أي ربع الكمية الأصلية ، وإذا انتظرنا ايضاً مدة ثالثة قدرها t1⁄2 من المادة المتبقية نجد أن الكمية التي لم تتحلل أصبحت 1/8 من الكمية الأصلية وهكذا وذلك ما يقال له التحلل الأسي وهو النظام الذي تتبعة معادلة التحلل الإشعاعي.
فعلى سبيل المثال يضمحل اليورانيوم ببطء عن طريق إصدار جسيمات ألفا، ويبلغ عمر النصف لليورانيوم-238 حوالي 4.47 مليار سنة، ويبلغ لليورانيوم-235 حوالي 704 مليون سنة، مما يجعله مفيدًا في تأريخ عمر الأرض.
النظائر المشعة:
من بـين النظائر المشعـة الطبيعيـة ، يمكن ذكر البوتاسيوم 40 والروبيديوم 87 ، والساماريوم 147 ، واللوتيسيوم 176 والتي سبق ذكرها أنفا ، فضلا عن اليورانيوم 235 ، واليورانيوم 238 وبعض نظائر الثاليوم والرصاص والبزموت والبولونيوم والراديوم والأكتينيوم والثوريوم والمعروفة غالبا بتسمية تختلف عن تسمية العنصر المقابل ، وتشير تلك التسمية إلى العناصر المشتقة منها بعملية التحويل الإشعاعى.
لاحظ هنا اننا عندما نذكر النظائر فإننا نذكر اسم العنصر وبجانبة العدد الكتلي للنظير لأن ذلك ما يفرق بين العنصر ونظيرة ولا نقوم بكتابة العدد الذري كونة لا يتغير سواء للعصنر او للنظير.
هناك عناصر كيميائية مستقرة عادة ، ويمكن أن تصبح مشعة إمـا بعد أن يتم قذفها بجزيئات مشحونة بطاقة حركية عالية جداً (بروتونات، ديوترونات) صادرة عن جهاز لتسريع الجزيئات (سيكلوترون، سنكروترون. ..إلخ) أو بعد أن تكون أمتصت نيوترونات فى مفاعل نووي.
عزيزي الزائر، اكتب لنا تعليقك على الموضوع..